والثاني: المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام.
وذلك أن العمل إذا لم يكن خالصاً لله فهو مردود. قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». فلو قمت تصلي مراءاة للناس، أو تصدقت مراءاة للناس، أو طلبت العلم مراءاة للناس، أو وصلت الرحم مراءاة للناس أو غير ذلك. فالعمل مردود حتى وإن كان صالحاً في ظاهره. كذلك الاتباع لو أنك عملت عملاً لم يعمله الرسول عليه الصلاة والسلام وتقربت به إلى الله مع الإخلاص لله فإنه لا يقبل منك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». إذاً العمل الصالح ما جمع وصفين: الأول: الإخلاص لله عز وجل. والثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿وتواصوا بالحق﴾ أي: صار بعضهم يوصي بعضاً بالحق. والحق: هو الشرع. يعني كل واحد منهم يوصي الاخر إذا رآه مفرطاً في واجب. أوصاه وقال: يا أخي قم بالواجب، إذا رآه فاعلاً لمحرم أوصاه قال: يا أخي اجتنب الحرام، فهم لم يقتصروا على نفع أنفسهم بل نفعوا أنفسهم وغيرهم، ﴿وتواصوا بالصبر﴾ أي: يوصي بعضهم بعضاً بالصبر، والصبر حبس النفس عما لا ينبغي فعله، وقسمه أهل العلم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: صبر على طاعة الله.
القسم الثاني: صبر عن محارم الله.
القسم الثالث: صبر على أقدار الله.
الصبر على الطاعة، كثير من الناس يكون فيه كسل عن الصلاة مع الجماعة مثلاً: لا يذهب إلى المسجد يقول أصلي في البيت وأديت الواجب فيكسل فقال له: يا أخي أصبر نفسك، احبسها كلفها على أن تصلي مع الجماعة. كثير من الناس إذا رأى زكاة ماله كثيرة شح وبخل وصار يتردد. أُخرج هذا المال الكثير، أو أتركه وما أشبه ذلك. فيقال له: يا أخي اصبر نفسك على أداء الزكاة، وهكذا بقية العبادات فإن العبادات كما قال الله تعالى في الصلاة: ﴿وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ [البقرة: ٤٥]. أكثر عباد الله تجد أن العبادات عليهم ثقيلة، فهم يتواصون بالصبر على الطاعة، كذلك الصبر عن المعصية بعض الناس مثلاً تجره نفسه إلى أكساب محرمة إما بالربا، وإما بالغش، وإما بالتدليس أو بغير ذلك من أنواع الحرام فيقال له: اصبر يا أخي أصبر نفسك لا تتعامل على وجه محرم. بعض الناس أيضاً يبتلى بالنظر إلى النساء تجده ماشياً في السوق وكل ما مرت امرأة أتبعها بصره فيقال له: يا أخي اصبر نفسك عن هذا الشيء.
ويتواصون على أقدار الله، يصاب الإنسان بمرض في بدنه، يصاب الإنسان بفقد شيء من ماله، يصاب الإنسان بفقد أحبته فيجزع ويتسخط ويتألم فيتواصون فيما بينهم، اصبر يا أخي هذا أمر