والتعبير بقوله : مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إشارة إلى أن بقاء الناس في الأرض مع كفرهم وظلمهم هو برحمة الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء.
والآية ردٌّ على الكفار الذين كانوا يمتنعون من الإيمان، ويعتمدون في زعمهم واعتقادهم المخطئ على القوة من جهة الإخوة والأعوان، مخبرا إياهم أنه لا ناصر لهم سوى اللّه سبحانه.
ثم رد اللّه تعالى على ادعائهم وجود رازق غير اللّه، وأن الأصنام مصدر جميع الخيرات لهم، ودفع كل الآفات عنهم، فقال :
٢ - « أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ. بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ».. وهذا سؤال آخر، مطلوب من المشركين أن يجدوا له جوابا : من يرزقهم إن أمسك اللّه الرزق عنهم ؟ هل من رازق لهم غير اللّه ؟
إن هذه الوقفات مع المشركين، وهذه المراجعة التي يراد بها الكشف عن آفات الضلال المسلطة عليهم، لا تزيدهم إلا بعدا عن الحقّ، وإلا عتوّا وعنادا، ولجاجا فى العناد والكفر. واللجاج فى الشيء : الإغراق فيه. ومجاوزة الحدّ.. والعتو : العناد الشديد. (١)
أي بل من هذا الذي إذا منع اللّه عنكم رزقه، رزقكم بعده بالأمطار وغيرها؟
والمعنى أنه لا أحد يعطي ويمنع، ويرزق وينصر إلا اللّه عز وجل، وحده لا شريك له، وهم يعلمون ذلك، ومع هذا يعبدون غيره، لذا وصفهم تعالى بقوله : بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ أي بل تمادوا واستمروا في عناد واستكبار عن الحق، ونفور عنه، وتابعوا طريقهم في طغيانهم وإفكهم وضلالهم، ولم يعتبروا ولم يتفكروا.
فدلت الآيتان على أنه لا ناصر ينصر من عذاب اللّه، ولا رازق يرزق غير اللّه إن حجب رزقه عن مخلوقاته.
عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِى كِتَابٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - ﷺ - كَانَ يَقُولُ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ