يُوحى إِلَيَّ » (١٥ : يونس).. وإذ كان هذا شأنه، فإنه لا يعلم من أمر الساعة شيئا :« قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي » (١٨٧ : الأعراف).
إن موعد الساعة فرع من أصل، وجزئية من أمر كلىّ، هو الساعة ذاتها، أي القيامة والبعث، والحساب والجزاء.. هذه هى القضية.. فإن آمنوا بها إيمان غيب، فإن من تمام هذا الإيمان أن يؤمنوا بكل ما جاء فى القرآن عنها.. وإن لم يؤمنوا بها أصلا، فلا معنى إذن لأن يسألوا عن متعلقاتها.. (١)
أي قل لهم أيها النبي : إنما علم ذلك عند اللّه، فلا يعلم وقت الساعة والعذاب على التعيين إلا اللّه عز وجل، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة، فاحذروه، وإنما أنا منذر لكم، أنذركم وأخوّفكم عاقبة كفركم، فعليّ البلاغ وقد أديته لكم.
" وممّا ينبغى أن يؤمن به الرسول قبل أن يبدأ رسالته، أن يؤمن بالآخرة، كما آمن باللّه، وأن يستيقن أنها آتية لا ريب فيها.. وفى قوله تعالى :« أَكادُ أُخْفِيها » إشارة إلى أن الساعة غيب من غيوب اللّه، وأنها محجبة وراء ستر الغيب، وأن الذي يؤمن بها إنما يؤمن إيمان غيب، لا إيمان شهادة ومعاينة.. ومع هذا، فإنّ هناك من الأمارات، والدلائل، ما يجدها العقل بين يديه، ليستدلّ منها على أن الحياة الدنيا ليست هى مبدأ الإنسان، ونهايته، وأنه لا بد أن يكون وراء هذه الحياة حياة أرحب وأوسع، لتجزى فيها كلّ نفس بما عملت فى هذه الدنيا.. وهذا هو السرّ فى قوله تعالى :« أَكادُ أُخْفِيها » ولم يجىء النظم القرآنى « أخفيتها » فهذا التعبير القرآنى يحمل فى طياته إشارة مضيئة إلى أن الإنسان مطالب ـ بما أودع اللّه سبحانه وتعالى فى كيانه من قوّى عاقلة مدركة ـ بأن يتجنب الشر، ويتجه إلى الخير، وأن يتنكب طرق الضلال، ويأخذ طريق الهدى، وبذلك يكون مهيئا تلقائيّا للقاء الآخرة، وللفوز برضوان اللّه فيها.. أما من زهد فى عقله،