وما الحيز الذي وضعت فيه؟ ناهيك عن العظام الأخرى الدقيقة المتماوجة. هذا كله في التيه الذي لا يكاد يرى! وفي الأذن مائة ألف خلية سمعية. وتنتهي الأعصاب بأهداب دقيقة. دقة وعظمة تحير الألباب».
«ومركز حاسة الإبصار العين، التي تحتوي على مائة وثلاثين مليونا من مستقبلات الضوء، وهي أطراف أعصاب الإبصار. وتتكون العين من الصلبة والقرنية والمشيمة والشبكية.. وذلك بخلاف العدد الهائل من الأعصاب والأوعية.
«وتتكون الشبكية من تسع طبقات منفصلة، والطبقة التي في أقصى الداخل تتكون من أعواد ومخروطات.
ويقال : إن عدد الأولى ثلاثون مليون عود، وعدد الثانية ثلاثة ملايين مخروط. وقد نظمت كلها في تناسب محكم بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للعدسات.. وعدسة عينيك تختلف في الكثافة، ولذا تجمع كل الأشعة في بؤرة، ولا يحصل الإنسان على مثل ذلك في أية مادة من جنس واحد كالزجاج مثلا »
..
فأما الأفئدة فهي هذه الخاصية التي صار بها الإنسان إنسانا. وهي قوة الإدراك والتمييز والمعرفة التي استخلف بها الإنسان في هذا الملك العريض. والتي حمل بها الأمانة التي أشفقت من حملها السماوات والأرض والجبال.
أمانة الإيمان الاختياري، والاهتداء الذاتي، والاستقامة الإرادية على منهج اللّه القويم ولا يعلم أحد ماهية هذه القوة، ولا مركزها، داخل الجسم أو خارجه! فهي سر اللّه في الإنسان لم يعلمه أحد سواه.
وعلى هذه الهبات الضخمة التي أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى، فإنه لم يشكر :«قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ».. وهو أمر يثير الخجل والحياء عند التذكير به، كما يذكرهم القرآن في هذا المجال ويذكر كل جاحد وكافر، لا يشكر نعمة اللّه عليه وهو لا يوفيها حقها لو عاش للشكر دون سواه! ثم يذكرهم أن اللّه لم ينشئ البشر ويمنحهم هذه الخصائص عبثا ولا جزافا لغير قصد ولا غاية. إنما هي فرصة


الصفحة التالية
Icon