عقيب ذكرهم كأنه قيل آمنّا ولم نكفر كما كفرتم ثم قال وعليه توكلنا خصوصا لم نتوكل على ما أنتم متوكلون عليه من رجالكم وأموالكم » (١)
المعنى العام :
روى أن كفار مكة كانوا يدعون على رسول اللّه - ﷺ - وعلى المؤمنين بالهلاك كما حكى اللّه عنهم فى آية أخرى بقوله :« أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ » وقوله :﴿بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ (١٢) سورة الفتح فنزلت الآية، ثم أمره أن يقول لهم : إن هلاكى أو رحمتى لا تجيركم من عذاب اللّه، ثم أمره أن يقول لهم : إنا آمنا بربنا وتوكلنا عليه، وستعلمون غدا من الهالك ؟ ثم أمره أن يقول لهم : إن غار ماؤكم فى الأرض ولم تصل إليه الدلاء، فمن يأتيكم بماء عذب زلال تشربونه ؟ (٢)
رد اللّه عليهم آمرا النبي أن يقول لهم : أخبرونى إن استجاب اللّه دعاءكم، فأهلكنا بالموت أو رحمنا فأخر أجلنا قليلا. ماذا تستفيدون من ذلك، ما دمتم مقيمين على الكفر والضلال، أتحسبون أن ذلك ينجيكم من عذاب اللّه ؟ لا ولن ينفعكم موتنا أو عدمه، وإنما الذي ينفعكم هو الإيمان فقط، والذي نجانا نحن هو الإيمان بالرحمن والتوكل عليه فقط، وأما أنتم إذا ظللتم على ما أنتم عليه فستعلمون غدا من هو في ضلال كبير ؟
قل لهم مذكرا بنعمة من نعمه : أخبرونى إن أصبح ماؤكم غائرا لا تصله الأيدى ولا الدلاء فمن يأتيكم بماء معين جار على وجه الأرض نابع من العيون، أو منظور إليه بالعيون ؟ لا أحد غير اللّه فآمنوا به واعملوا صالحا ينجيكم ربكم من عذاب أليم. (٣)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٩ / ٢٣)
قلت : سبب النزول لا يصح فلا يعول عليه
(٣) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧١٩)