الثمرة الخامسة -لا يجوز الاعتراض على أي حكم من أحكام الله تعالى، لأنه مالك الملك، والعبد لا يعترض على سيده.
قال تعالى :﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ (٢٣) سورة الأنبياء
أي أن هذا الذي يكون من حياة وموت، وبعث، هو من تدبير اللّه، ومن تصريفه فى ملكه، لا يسأل عما يفعل.. فمن أسلم نفسه للّه، فقد فاز ونجا، ومن أبى أن يسلم نفسه للّه، فقد خاب وخسر.. وذلك يوم تنكشف له الحقيقة، ويجد اليوم الذي كان يكذب به، والنار التي توعّد اللّه بها المكذبين.. (١)
وقال تعالى :﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٢٦) سورة آل عمران
" إنها الحقيقة الناشئة من حقيقة الألوهية الواحدة.. إله واحد فهو المالك الواحد.. هو «مال الملك» بلا شريك.. ثم هو من جانبه يملك من يشاء ما يشاء من ملكه. يملكه إياه تمليك العارية يستردها صاحبها ممن يشاء عند ما يشاء. فليس لأحد ملكية أصيلة يتصرف فيها على هواه. إنما هي ملكية معارة له خاضعة لشروط المملك الأصلي وتعليماته فإذا تصرف المستعير فيها تصرفا مخالفا لشرط المالك وقع هذا التصرف باطلا. وتحتم على المؤمنين رده في الدنيا. أما في الآخرة فهو محاسب على باطله ومخالفته لشرط المملك صاحب الملك الأصيل..
وكذلك هو يعز من يشاء ويذل من يشاء بلا معقب على حكمه، وبلا مجير عليه، وبلا راد لقضائه، فهو صاحب الأمر كله بما أنه - سبحانه - هو اللّه.. وما يجوز أن يتولى هذا الاختصاص أحد من دون اللّه.
وفي قوامة اللّه هذه الخير كل الخير.. فهو يتولاها سبحانه بالقسط والعدل. يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء بالقسط والعدل. ويعز من يشاء ويذل من يشاء بالقسط والعدل. فهو الخير الحقيقي في جميع الحالات وهي المشيئة المطلقة

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١٣ / ٢٥١)


الصفحة التالية
Icon