والأحياء وتنمية الحياة وتطويرها وترقيتها - في حدود منهج اللّه - لا كما تبتغي الشهوات والأهواء التي تضل العقل وتغطي الفطرة بالركام !.
ونقف من هذه اللفتة :«لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» وقفة أخرى :
نقف منها أمام التبعة العظيمة الملقاة على الرسل - صلوات اللّه عليهم - ومن بعدهم على المؤمنين برسالاتهم - تجاه البشرية كلها.. وهي تبعة ثقيلة بمقدار ما هي عظيمة..
إن مصائر البشرية كلها في الدنيا وفي الآخرة سواء، منوطة بالرسل وبأتباعهم من بعدهم. فعلى أساس تبليغهم هذا الأمر للبشر، تقوم سعادة هؤلاء البشر أو شقوتهم، ويترتب ثوابهم أو عقابهم.. في الدنيا والآخرة.
إنه أمر هائل عظيم.. ولكنه كذلك.. ومن ثم كان الرسل - صلوات اللّه عليهم - يحسون بجسامة ما يكلفون.
وكان اللّه - سبحانه - يبصرهم بحقيقة العبء الذي ينوطه بهم.. وهذا هو الذي يقول اللّه عنه لنبيه :«إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا».. ويعلمه كيف يتهيأ له ويستعد :«يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا.. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا».. «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا. فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً. وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا».. وهذا هو الذي يشعر به نبيه - ﷺ - وهو يأمره أن يقول وأن يستشعر حقيقة ما يقول :«قُلْ : إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً.. إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ»
« عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ، فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً.. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ. وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً»..
إنه الأمر الهائل العظيم.. أمر رقاب الناس.. أمر حياتهم ومماتهم.. أمر سعادتهم وشقائهم.. أمر ثوابهم وعقابهم.. أمر هذه البشرية، التي إما أن تبلغ إليها الرسالة