كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ». قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ». قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ « أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ ». قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِى « يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ». (١)
فالمسؤول رسول اللّه - ﷺ - والسائل - جبريل عليه السّلام - كلاهما لا يعلم علم الساعة «قُلْ : إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ».. على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد اللّه.
قدر اللّه هذا لحكمة يعلمها، نلمح طرفا منها، في ترك الناس على حذر من أمرها، وفي توقع دائم لها، وفي استعداد مستمر لفجأتها. ذلك لمن أراد اللّه له الخير، وأودع قلبه التقوى. فأما الذين يغفلون عن الساعة، ولا يعيشون في كل لحظة على أهبة للقائها، فأولئك الذين يختانون أنفسهم، ولا يقونها من النار. وقد بين اللّه لهم وحذرهم وأنذرهم وجعل الساعة غيبا مجهولا متوقعا في أية لحظة من لحظات الليل والنهار :«وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً».. (٢)
=================
الثمرة السابعة عشرة - إذا أيقن أنه مخلوق، وأنه مملوك لله، فلا يحقد على غيره ولا يحسده، ويطهر قلبه مما سوى الله تعالى، فلا يلتفت لغيره.
قال تعالى :﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (١٣١) سورة طه
قوله تعالى :« وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ » نهى يراد به النصح والإرشاد، وذلك بألا يلتفت النبىّ والمؤمنون إلى ما بين أيدى هؤلاء المشركين من أموال وبنين وألا يقع فى نفسه، أو أنفس المؤمنين، أن ذلك الذي أمدّ اللّه بعض المشركين، به، من
(٢) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٢٨٨٢)