وهو الذي خلق سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض، وهل السموات هي مدارات الكواكب أو مادة لا يعلمها إلا اللّه ؟ الظاهر - واللّه أعلم - من مجموع النصوص الواردة في القرآن والسنة أن السماء مادة لا يعلمها إلا اللّه، والعلماء الطبيعيون يقولون : إنها فراغ يدور فيها الكواكب. والخطب سهل، لو تبصر الإنسان لرأى أن اللّه هو الذي خلق سبع سموات - والعدد على حسب ما كان معروفا عند العرب متطابقة بعضها فوق بعض أشبه ما تكون بطبقات البيضة، ليس فيها عيب ولا خلل، ولا ترى في خلقها تفاوتا في أى ناحية من النواحي، إن كنت في شك في ذلك فارجع البصر، ودقق النظر حتى يتضح لك الحال، ويتبين لك المقام، ولا تبقى لك شبهة في تناسب خلق الرحمن واستكماله لكل أسباب الحكمة. فارجع البصر هل ترى من فطور أو شقوق ؟ الجواب : لا. ثم ارجع البصر، ودقق النظر مرة بعد مرة - والمراد التكثير في النظر لمعرفة الخلل - يعد إليك البصر محروما من إدراك العيب والخلل في السموات، فكأن النظر طرد عن ذلك طردا بالصغار وعاد خاسئا ذليلا، وهو كليل من طول معاودة النظر.
وعلى الجملة فالسماوات السبع، وما فيهن آية من آيات اللّه الكبرى لو تأملت ما فيها من تناسب وتجاذب وإحكام ودقة ونظام لا يختل أبدا مع سرعة دورانها، لهالك هذا النظام العجيب، وإن شككت في ذلك فارجع البصر مرة بعد مرة فإنه سيرتد إليك خائبا خاسئا وهو كليل وضعيف أمام هذه القدرة العظيمة.
فهذه السموات السبع خالية من العيوب والخلل، وهي كذلك في غاية الحسن والبهاء. ولقد زينا السماء الدنيا بزينة هي الكواكب، فهي في السماء كالمصابيح في السقوف، وإنك لترى السماء ليلا، وكأنها عروس ليلة الزفاف، وهذه النجوم والأفلاك ينفصل منها أجزاء ملتهبة أو تلتهب من الاحتكاك بالأجواء هذه الأجزاء جعلت رجوما للشياطين، وأعدت لذلك فلم يعد للشياطين طريق لاستراق السمع من السماء، ولم يعد للدجالين الكذابين طريق للكذب على الناس، حيث إن اللّه


الصفحة التالية
Icon