خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى » (٥٠ : طه).. وبهذا صار لكل مخلوق ذاتيته ومكانه فى هذا الوجود.
فللحياة حكمة، وللموت حكمة، وللبعث بعد الموت حكمة.. « كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ، وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » (٢٨. البقرة).. « أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥ : المؤمنون) وقضية الحياة بعد الموت هى مضلّة الضالين، وهى الغشاوة التي تحجبهم عن اللّه سبحانه وتعالى، فلا يرون ماللّه سبحانه وتعالى من قدرة، وأنه سبحانه قادر على كل شىء، وأن بعث الحياة فى تلك الأجساد الهامدة، والعظام البالية، ليس بأبعد فى مجال المنطق الإنسانى، من خلقها أول مرة، من تراب، أو من نطفة من ماء مهبن.. ولكن هل يكون للمنطق مكان عند من ختم اللّه على قلبه وسمعه، وجعل على بصره غشاوة ؟ « وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً » (٤١ : المائدة)" (١)
عَنِ الصَّعْقِ التَّمِيمِيِّ، قَالَ : شَهِدْتُ الْحَسَنَ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْبَقَرَةِ : لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ : هِيَ وَاللَّهِ لِمَنْ تَفَكَّرَ فِيهَا لِيَعْلَمَ أَنَّ الدُّنْيَا دَارَ بَلَاءٍ ثُمَّ دَارَ فَنَاءٍ وَلِيَعْلَمَ أَنَّ دَارَ الْآخِرَةِ، دَارُ جَزَاءٍ، ثُمَّ دَارُ بَقَاءٍ " (٢)
وعَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ :" كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَنَّهُ مَنْ تَفَكَّرَ فِيهِمَا عَرَفَ فَضْلَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَعَرَفَ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ ثُمَّ دَارُ فَنَاءٍ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ دَارُ جَزَاءٍ ثُمَّ دَارُ بَقَاءٍ، فَكُونُوا مِمَّنْ يَصْرِمُ حَاجَةَ الدُّنْيَا لِحَاجَةِ الْآخِرَةِ " (٣)
وعَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ قَالَ :" حَنَّتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَاسْتَأْنَسَتْ بِهِ " وَقَالَ : فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قَالَ :" كَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ فِي الرَّخَاءِ فَنَجَا وَكَانَ يُقَالُ فِي الْحِكْمَةِ : إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ

(١) - التفسير القرآني بالقرآن
(٢) - تَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ (٢١١٤ ) صحيح
(٣) - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ ( ٣٨١٨ ) صحيح


الصفحة التالية
Icon