أي إنه تعالى الذي أوجد وأبدع السموات السبع، المتطابقة بعضها فوق بعض، كل سماء منفصلة عن الأخرى كما جاء في حديث الإسراء وغيره (١)، يجمع بينها نظام الجاذبية، ما تشاهد أيها الناظر المتأمل في مخلوقات الرحمن من تناقض وتباين وعدم تناسب ".
وقوله تعالى :« ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ » أي ما ترى من اختلال أو نقص فى نظام الوجود، وما أبدع الخالق من مخلوقات.. فكل ما خلق اللّه يحمل شارة دالّة على قدرة الخالق، وعلمه، وحكمته، وإبداعه فيما خلق ـ وفى هذا إلفات إلى قدرة اللّه سبحانه، وإلى إحكام ما خلق.. وأن كل مخلوق مهما صفر شأنه، وضؤل شخصه، هو صنعة الحكيم العليم، فيه من روعة الصنعة، وقدرة الصانع، ما فى أعظم المخلوقات وأروعها.. فليس فيما صنع اللّه سبحانه ـ حسن وأحسن، بل كل ما خلق اللّه على صفة واحدة، هى الحسن فى أكمل كماله، وأبدع آياته.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ » (٨٨ : النمل) وفى إضافة الخلق إلى « الرحمن » ـ إشارة أخرى إلى أن المخلوقات إنما خلقت جميعها بيد الرحمة التي مستها جميعا.. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى :« وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ » (١٥٦ : الأعراف).
وقوله تعالى :« فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ » هو دعوة إلى الإنسان أن ينظر بعقله ليرى مصداق قوله تعالى :« ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ».. أي أن من شكّ في هذه الحقيقة، أو من لم يقع له بعد علم بها، فليلق بصره على هذا الوجود، وليقف بين يديه وقفة المتأمل الدارس، ثم ليسأل نفسه : هل يرى من فطور ؟ أي هل يرى خللا، أو اضطرابا، أو تفاوتا ؟ والفطور : هو التشقق،