أجناسه وأنواعه، بحدودها المميزة لها، وفصولها المفرقة بينها، على رتبة واحدة، وهيئة واحدة، على أن يبلغ إلى الأشخاص التي تلي أنواع الأنواع، لا تفاوت في شيء من ذلك البتة بوجه من الوجوه، ولا تخالف في شيء منه أصلاً، ومن وقف على هذا علم أن الصورة المستقبحة عندنا واقعتان معاً تحت نوع الشكل والتخطيط، ثم تحت نوع الكيفية، ثم تحت اسم العرض، وقوعاً مستوياً لا تفاضل فيه، ولا تفاوت في هذا بوجه من التقسيم. وكذلك أيضاً نعلم أن الكفر والإيمان بالقلب واقعان تحت نوع الاعتقاد، ثم تحت فعل النفس، ثم تحت الكيفية والعرَض، وقوعاً مستوياً لا تفاضل فيه، ولا تفاوت من هذا الوجه من التقسيم، وكذلك أيضاً نعلم أن الإيمان والكفر باللسان واقعان تحت نوع فرع الهواء بآلات الكلام، ثم تحت نوع الحركة وتحت نوع الكيفية، وتحت اسم العرض، وقوعاً حقاً مستوياً لا تفاوت فيه ولا اختلاف.
وهكذا القول في الظلم والإنصاف، وفي العدل والجور، وفي الصدق والكذب، وفي الزنا والوطء الحلال. وكذلك كل ما في العالم، حتى يرجع جميع الموجودات إلى الرؤوس الأوَل التي ليس فوقها رأس يجمعها إلا كونها مخلوقة لله تعالى، وهي الجوهر والكم والكيف والإضافة ؛ فانتفى التفاوت عن كل ما خلق الله تعالى وعادت الآية المذكورة حجة على المعتزلة ؛ ضرورة لا منفك لهم عنها، وهي أنه لو كان وجود الكفر والكذب والظلم تفاوتاً كما زعموا، لكان التفاوت موجوداً في خلق الرحمن، وقد كذَّب الله تعالى ذلك، وهي أن يرى في خلقه تفاوت. انتهى كلامه. (١)
وقال دروزة :" بدأت السورة بالثناء على اللّه. وهذا من أساليب النظم القرآني في مطالع سور عديدة، وقد أعقب الثناء تنويه بمطلق تصرف اللّه عزّ وجلّ والإشارة إلى حكمته في خلق الناس وموتهم وبعثهم.