(٦) دعاء الملائكة عليهم بالبعد من رحمة اللّه وألطافه، وكرمه وإحسانه. (١)
وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم، وبئس المصير مصيرهم، إذا ألقوا فيها سمعوا لها صوتا منكرا كصوت الحمار (٢)، وهو حسيسها حالة كونها تفور بهم وتغلى غليان المرجل، ويا ويلهم حينما يرون النار، تكاد تتميز، أى : ينفصل بعضها عن بعض من شدة الغيظ (٣) والغضب! وهذا وصف لجهنم دقيق.
وهاك وصفا لمن فيها : كلما ألقى فيها جماعة من أصحابها سألهم خزنتها وزبانيتها قائلين لهم : ألم يأتكم نذير يتلو عليكم آيات اللّه، وينذركم لقاء ربكم ؟ قالوا : بلى قد جاءنا نذير فأنذرنا وتلا علينا آيات ربنا، فكذبناه، وقلنا له : ما أنزل اللّه من شيء على بشر مثلنا، ما أنتم أيها الرسل جميعا إلا في ضلال كبير، وقالوا معترفين بخطئهم ومتحسرين على ما فاتهم : لو كنا نسمع الكلام سماع قبول وإنصاف، ولو كنا نعقل ونحكم عقولنا حقيقة في كل ما يلقى إلينا ما كنا في عداد أصحاب السعير اليوم! فاعترفوا بذنبهم الذي هو كفرهم بآيات اللّه فبعدا لهم من رحمة اللّه ورضوانه، وسحقا لهم إنهم من أصحاب السعير. (٤)
التفسير والبيان :
قوله تعالى :«وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » ـ هو معطوف على قوله تعالى.. « وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ ».
أي أعتدنا للشياطين عذاب السعير، وللذين كفروا بربهم أعتدنا لهم كذلك عذاب جهنم، وبئس المصير الذي يصيرون إليه.. فالشياطين من الجنّ، والكافرون من
(٢) - وعلى ذلك ففي (شهيق) استعارة صريحة.
(٣) - جهنم لا يعقل أن يكون لها غيظ وغضب وإنما يجوز أن يكون في الكلام استعارة تصريحية حيث شبه اشتعال النار بهم وشدة تأثيرها فيهم باغتياظ المغتاظ على غيره المبالغ في إيصال الضرر، ويجوز أن يكون الغضب للزبانية.
(٤) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ٧١٢)