سؤال المندد المقرع عمّا إذا لم يكن قد أتاهم نذير يعظهم ويخوفهم من هذا المصير فيجيبون إجابة المتحسّر النادم أنه قد جاءنا نذير فوقفنا منه موقف المكذّب وسفّهناه وأنكرنا أن يرسل اللّه رسلا للناس وقلنا له إنه في دعواه في ضلال كبير فاستحققنا هذا المصير.
ولو كنا نعقل أو نسمع ما صرنا إليه. وهكذا يعترفون بما اقترفوه من ذنوب فسحقا لهم وبعدا.
والآيات معطوفة على سابقتها ومتصلة بها. ولعل عطف الكفار على الشياطين قد قصد به تشديد التقريع فهم من طبقة واحدة ومصيرهم واحد.
والوصف قوي مرعب والمحاورة المفروض حدوثها لاذعة مستحكمة. ومن شأن ذلك إثارة الفزع والندم في الكفار وحملهم على الارعواء وهو مما استهدفته الآيات. " (١)
وفي التفسير الوسيط :" إذا كان الأمر كما أخبروا عن أنفسهم، فقد أقروا واعترفوا بذنوبهم، وأن اللّه - تعالى - ما ظلمهم، وأن ندمهم لن ينفعهم في هذا اليوم.. بل هم جديرون بالدعاء عليهم بالطرد من رحمة اللّه - تعالى - وبخلودهم في نار السعير. واللام في قوله لِأَصْحابِ للتبيين، كما في قولهم : سقيا لك. فالآية الكريمة توضح أن ما أصابهم من عذاب كان بسبب إقرارهم بكفرهم، وإصرارهم عليه حتى الممات " (٢)
وفي الظلال :"ثم يرسم مشهدا لجهنم هذه، وهي تستقبل الذين كفروا في غيظ وحنق شديد :«إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ. تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ!»..
وجهنم هنا مخلوقة حية، تكظم غيظها، فترتفع أنفاسها في شهيق وتفور ويملأ جوانحها الغيظ فتكاد تتمزق من الغيظ الكظيم وهي تنطوي على بغض وكره يبلغ إلى حد الغيظ والحنق على الكافرين!
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم-موافق للمطبوع - (١٥ / ٩)