لينظروا إلى الطير فى حاليها تلك.. فماذا يقع فى عقولهم من هذا النظر، إن كان لهم نظر، وكانت لهم عقول ؟..
من يمسك هذه الطير ؟ ومن منحها تلك القدرة على أن تسبح فى السماء. ومن يمسكها أن تسقط من الجو ؟ « ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ».. فأين أبصارهم ؟ وأين ما تعطيه هذه الأبصار من شواهد على وجودها.. ؟ " (١)
أي أولم ينظروا إلى الطير فوقهم في الجو أو الهواء، وهن باسطات أجنحتها تارة، وقابضات ضامات لها تارة أخرى، ما يمسكهن في الهواء عند الطيران والقبض والبسط إلا الإله الرحمن القادر على كل شيء، بما سخّر لهن من الهواء برحمته ولطفه، إنه سبحانه عليم بصير بما يصلح كل شيء من مخلوقاته، لا يخفى عليه شيء من دقائق الأمور وعظائمها. ونظير الآية : أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ، ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النحل ١٦/ ٧٩].
قالوا : وفي الآية دليل على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة للّه تعالى لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري لها، وقد أضافه اللّه تعالى إلى نفسه.
ومضات عامة
قال دروزة :" هذه الآيات موجهة أيضا للسامعين الكافرين. وقد تضمنت :
١ - إنذارا بأسلوب سؤال إنكاري عمّا إذا كانوا آمنوا وهم يكذبون بآيات اللّه و رسله من أن يخسف اللّه بهم الأرض فتميد تحت أقدامهم أو يرسل عليهم رجوما من الحجارة فيرون حينئذ مصداق نذره ووعيده.
٢ - وتذكيرا لهم بما كان من تكذيب الأمم السابقة وبما كان من عذاب اللّه فيهم.
٣ - ولفتا لنظرهم إلى الطير التي تطير في السماء فتبسط أجنحتها أو تقبضها وما يمسكها عن السقوط إلا اللّه حيث ينطوي في هذه الظاهرة دليل على قدرة اللّه وكونه البصير بكل شيء المدبّر لكل شي ء.