﴿يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى﴾ أَيْ: كلُّكم بنو أبٍ واحدٍ وأمٍّ واحدةٍ فلا تفاضل بينكم في النَّسب ﴿وجعلناكم شعوباً﴾ وهي رؤوس القبائل كربيعة ومضر ﴿وقبائل﴾ وهي دون الشُّعوب كبكر من ربيعة وتميم من مضر ﴿لتعارفوا﴾ ليعرف بعضكم بعضاً في قرب النَّسب وبعده لا لتتفاخروا بها ثمَّ أعلم أنَّ أرفعهم عنده منزلةً أتقاهم فقال: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ الآية
﴿قالت الأعراب آمنا﴾ نزلت في نفرٍ من بني أسدٍ قدموا المدينة في سنة جدبة بذرايهم وأظهروا كلمة الشَّهادة ولم يكونوا مؤمنين في السِّرِّ فقال الله تعالى: ﴿قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا﴾ أَيْ: لم تُصدِّقوا الله ورسوله بقلوبكم ولكن أظهرتم الطَّاعة مخافة القتل والسَّبي ﴿ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله﴾ ظاهراً وباطناً ﴿لا يلتكم﴾ لا ينقصكم ﴿من﴾ ثواب ﴿أعمالكم شيئاً﴾ الآية ثمَّ بيَّن حقيقة الإيمان والمؤمن فقال:
﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون﴾ أَيْ هؤلاء هم الذين صدقوا في إيمانهم لا مَنْ أسلم خوف السَّيف ورجاء المنفعة فلمَّا نزلت الآيتان جاءت الأعراب رسول الله ﷺ وحلفوا بالله أنَّهم مؤمنون وعلم الله غير ذلك منهم فأنزل الله تعالى:


الصفحة التالية
Icon