﴿للفقراء المهاجرين﴾ يعني: خمس الفيء للذين هاجروا إلى المدينة وتركوا ديارهم وأموالهم حُبَّاً لله ولرسوله ونصرةً لدينه وهو قوله: ﴿وينصرون الله﴾ أي: دينه ﴿ورسوله أولئك هم الصادقون﴾ في إيمانهم
﴿والذين تبوؤوا الدار والإِيمان﴾ نزلوا المدينة وقبلوا الإيمان ﴿من قبلهم﴾ من قبل المهاجرين وهم الأنصار ﴿يحبون من هاجر إليهم﴾ من المسلمين ﴿ولا يجدون في صدورهم حاجة﴾ غيظاً وحسداً ﴿مما أوتوا﴾ ممَّا أُوتي المهاجرون من الفيء وذلك أنَّ رسول الله ﷺ قسم أموال بني النَّضير بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئاً إلاَّ ثلاثة نفرٍ كانت بهم حاجة فطابت أنفس الأنصار بذلك فذلك قوله: ﴿ويؤثرون على أنفسهم﴾ أَي: يختارون إخوانهم المهاجرين بالمال على أنفسهم ﴿ولو كان بهم خصاصة﴾ حاجةٌ وفاقةٌ إلى المال ﴿ومَنْ يوق شح نفسه﴾ مَنْ حُفظ من الحرص المهلك على المال وهو حرصٌ يحمله على إمساك المال عن الحقوق والحسد ﴿فأولئك هم المفلحون﴾
﴿والذين جاؤوا من بعدهم﴾ أي: والذين يجيئون من بعد المهاجرين والأنصار إلى يوم القيامة ﴿يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾ أي: المهاجرين والأنصار ﴿ولا تجعل في قلوبنا غلاً﴾ حقداً ﴿للذين آمنوا﴾ الآية فمن ترحَّم عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ولم يكن في قلبه غِلٌّ لهم فهو من أهل هذه الآية ومَنْ يشتم واحداً منهم ولم يترحَّم عليه لم يكن له حظٌّ في الفيء وكان خارجاً من جملة أقسام المؤمنين وهم ثلاثةٌ: المهاجرون والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم بهذه الصِّفة التي ذكرها الله تعالى