﴿وذرني والمكذبين﴾ لا تعنهم لشأنهم فإني أكفيكم يعني: رؤساء المشركين كقوله: ﴿فذرني ومن يكذب بهذا الحديث﴾ وقد مرَّ ﴿أولي النعمة﴾ ذوي التنغم والتًَّرفُّه ﴿ومهِّلهم قليلاًَ﴾ يعني: إلى مدَّة آجالهم
﴿إنَّ لدينا﴾ يعني: في الآخرة ﴿أنكالاً﴾ قيوداً ﴿وجحيماً﴾ ناراً عظيمةً
﴿وطعاما ذا غصة﴾ يغض في الحلوق ولا يسوغ وهو الغِسلين والضَّريع والزَّقُّوم
﴿يوم ترجف الأرض والجبال﴾ تضطرب وتتحرَّك ﴿وكانت الجبال كثيباً مهيلاً﴾ رملاً سائلاً
﴿إنا أرسلنا إليكم رسولاً﴾ محمدا ﷺ ﴿شاهداً عليكم﴾ يشهد عليكم يوم القيامة بما فعلتم وقوله:
﴿فأخذناه أخذاً وبيلاً﴾ ثقيلاً غليظاً
﴿فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً﴾ أَيْ: فكيف تتحصَّنون من عذاب يومٍ يشيب الطِّفل لهوله وشدَّته إن كفرتم اليوم في الدُّنيا
﴿السماء منفطر به﴾ متشقِّق في ذلك اليوم
﴿إنَّ هذه﴾ الآيات ﴿تذكرة﴾ تذكيرٌ للخلق ﴿فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً﴾ بالطَّاعة والإِيمان
﴿إن ربك يعلم أنك تقوم﴾ للصَّلاة والقراءة ﴿أدنى﴾ أقلَّ ﴿من ثلثي الليل ونصفه وثلثه﴾ أي: وتقم نصفه ثلثه ﴿وطائفة من الذين معك والله يقدِّر الليل والنهار﴾ فيعلم مقادير أوقاتهما ﴿علم أن لن تحصوه﴾ لن تُطيقوا قيام اللَّيل ﴿فتاب عليكم﴾ رجع لكم إلى التَّخفيف ﴿فاقرؤوا ما تيسر من القرآن﴾ رخَّص لهم أن يقوموا فيقرؤوا ما أمكن وخفَّ بغير مقدارٍ معلومٍ من القراءة والمُدَّة ﴿علم أن سيكون منكم مرضى﴾ فيثقل عليهم قيام اللَّيل وكذلك المسافرون للتِّجارة والجهاد وهو قوله: ﴿وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله﴾ يريد: أنَّه خفف قيام اللَّيل لما علم من ثقله على هؤلاء ﴿فاقرؤوا ما تيسر منه﴾ قال المُفسِّرون: وكان هذا في صدر الإِسلام ثمَّ نُسخ بالصَّلوات الخمس وقوله: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله هو خيراً وأعظم أجراً﴾ مما خلقتم وتركتم ﴿واستغفروا الله إن الله غفور﴾ لذنوب المؤمنين ﴿رحيم﴾ بهم