﴿ودَّ كثيرٌ من أهل الكتاب﴾ نزلت حين قالت اليهود للمسلمين بعد وقعة أُحدٍ: ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فذلك قوله تعالى: ﴿لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا من عند أنفسهم﴾ أَيْ: فِي حكمهم وتديّنهم ما لم يؤمروا به ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهم الحق﴾ فِي التَّوراة أنَّ قول محمَّدٍ صدقٌ ودينه حقٌّ ﴿فاعفوا واصفحوا﴾ وأعرضوا عن مساوئ أخلقهم وكلامهم وغلِّ قلوبهم ﴿حتى يأتي الله بأمره﴾ بالقتال
قال تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بما تعملون بصير﴾
﴿وقالوا لن يدخل الجنة﴾ أَيْ: قالت اليهود: لن يدخل الجنَّة ﴿إلاَّ مَنْ كان هوداً﴾ وقالت النَّصارى: لن يدخلها إلاَّ النَّصارى ﴿تلك أمانيهم﴾ التي تمنَّوها على الله سبحانه باطلاً ﴿قل هاتوا برهانكم﴾ قرِّبوا حجَّتكم على ما تقولون ثمَّ بيَّن مَنْ يدخلها فقال:
﴿بلى﴾ يدخلها ﴿مَنْ أسلم وجهه لله﴾ انقاد لأمره وبذل له وجهه في السُّجود ﴿وهو محسن﴾ مؤمنٌ مصدقٌ بالقرآن
﴿وقالت اليهود ليست النصارى على شيء﴾ لمَّا قدم وفد نجران فتنازعوا مع اليهود وكفَّر كلُّ واحدٍ من الفريقين الآخر وقوله تعالى: ﴿وهم يتلون الكتاب﴾ يعني: إنَّ الفريقين يتلون التَّوراة وقد وقع بينهما هذا الاختلاف وكتابهم واحد فدلَّ بهذا على ضلالتهم ﴿كذلك قال الذين لا يعلمون﴾ يعني: كفَّار الأمم الماضية وكفَّار هذه الأمَّة ﴿مثل قولهم﴾ في تكذيب الأنبياء والاختلاف عليهم فسبيل هؤلاء الذين يتلون الكتاب كسبيل مَنْ لا يعلم الكتاب من المشركين في الإنكار لدين الله سبحانه ﴿فالله يحكم بينهم﴾ أَيْ يُريهم عياناً مَنْ يدخل الجنَّة ومَنْ يدخل النَّار


الصفحة التالية
Icon