﴿ومن أظلم ممن منع مساجد الله﴾ يعني: بيت المقدس ومحاربيه نزلت في أهل الرُّوم حين خرَّبوا بيت المقدس ﴿أولئك﴾ يعني: أهل الرُّوم ﴿مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ﴾ لم يدخل بيت المقدس بعد أن عمره المسلمون روميٌّ إلاَّ خائفاً لو عُلم به قُتل ﴿لهم في الدنيا خزي﴾ يعني: القتل للحربيِّ والجزية للذميِّ
﴿ولله المشرقُ والمغرب﴾ أَيْ: إنَّه خالقهما نزلت في قوم من الصَّحابة سافروا فأصابهم الضَّباب فتحرَّوا القِبلة وصلَّوا إلى أنحاءٍ مختلفةٍ فلمَّا ذهب الضَّباب استبان أنَّهم لم يصيبوا فلمَّا قدموا سألوا رسول الله ﷺ عن ذلك وقوله تعالى: ﴿فأينما تولوا﴾ أَيْ: تصرفوا وجوهكم ﴿فثمَّ وجه الله﴾ أَيْ: فهناك قِبلة الله وجهته التي تعبَّدكم الله بالتوجُّه إليها ﴿إنَّ الله واسعٌ عليم﴾ أَيْ: واسع الشَّريعة يُوسِّع على عباده في دينهم (اختلف العلماء في حكم هذه الآية فمنهم مَنْ قال: هي منسوخة الحكم بقوله: ﴿فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام﴾ ومنهم مَنْ قال: حكمها ثابت غير أنها مخصوصة بالنَّوافل في السفر وقيل: إنها نزلت في شأن النجاشي حين صلَّى عليه النبي ﷺ مع أصحابه وقولهم له: كيف تُصلِّي على رجل صلَّى إلى غير قبلتنا فأنزل الله تعالى هذه الآية وبيَّن أنَّ النجاشي وإنْ صلَّى إلى المشرق أو المغرب فإنَّما قصد بذلك وجه الله وعبادته ومعنى ﴿فثمَّ وجه الله﴾ أَيْ: فَثَمَّ رضا الله وأمره كما قال: ﴿إنَّما نُطعمكم لوجه الله﴾ والوجهُ والجِهةُ والوِجهةُ: القِبلةُ)