﴿إنما حرَّم عليكم الميتة﴾ وهي كلُّ ما فارقه الرُّوح من غير ذكاةٍ ممَّا يذبح ﴿والدم﴾ يعني: الدَّم السَّائل لقوله في كوضع آخر: ﴿أو دماً مسفوحاً﴾ وقد دخل هذين الجنسين الخصوصُ بالسُّنَّةِ وهو [قوله صلى الله عليه وسلم: أُحلَّت لنا ميتتان ودمان] وقوله تعالى: ﴿ولحم الخنزير﴾ يعني: الخنزير بجميع أجزائه وخصَّ اللَّحم لأنَّه المقصود بالأكل ﴿وما أُهِلَّ به لغير الله﴾ يعني: ما ذُبح للأصنام فذكر عليه غير اسم الله تعالى ﴿فمن اضطر﴾ أَيْ: أُحوج وألجئ في حال الضَّرورة وقيل: مَنْ أكره على تناوله وأُجبر على تناوله كما يُجبر على التَّلفُّظ بالباطل ﴿غير باغٍ﴾ أَيْ: غير قاطعٍ للطَّريق مفارقٍ للأئمة مُشاقًّ للأمَّة ﴿ولا عادٍ﴾ ولا ظالم متعدٍّ فأكلَ ﴿فلا إثم عليه﴾ وهذا يدلُّ على أنَّ العاصي بسفره لا يستبيح أكل الميتة عند الضَّرورة ﴿إنَّ الله غفور﴾ للمعصية فلا يأخذ بما جعل فِيهِ الرُّخصة ﴿رحيمٌ﴾ حيث رخَّص للمضطر
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتاب﴾ يعني: رؤساء اليهود ﴿ويشترون به﴾ بما أنزل الله من نعت محمد ﷺ في كتابهم ﴿ثمناً قليلاً﴾ يعني: ما يأخذون من الرُّشى على كتمان نعته ﴿أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ﴾ إلاَّ ما هو عاقبته النَّار ﴿ولا يكلمهم الله يوم القيامة﴾ أَيْ: كلاماً يسرُّهم ﴿ولا يزكيهم﴾ ولا يُطهِّرهم من دنس ذنوبهم