﴿الحج أشهر﴾ أًيْ: أشهرُ الحجِّ أشهرٌ ﴿معلوماتٌ﴾ مُوقَّتةٌ معيَّنةٌ وهي شوال وذو القعدة وتسعُ من ذي الحجَّة ﴿فمن فرض﴾ أوجب على نفسه ﴿فيهنَّ الحجَّ﴾ بالإحرام والتَّلبية ﴿فلا رفث﴾ فلا جِماعَ ﴿ولا فسوق﴾ ولا معاصي ﴿ولا جدال﴾ وهو أَنْ يُجادلَ صاحبه حتى يُغضبه والمعنى: لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا ﴿فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله﴾ أَيْ: يُجازيكم به الله العالم ﴿وتزوَّدوا﴾ نزلت في قومٍ كانوا يحجُّون بلا زادٍ ويقولون: نحن متوكِّلون ثمَّ كانوا يسألون النَّاس وربَّما ظلموهم وغصبوهم فأمرهم الله أَنْ يتزوَّدوا فقال ﴿وتزوَّدوا﴾ ما تتبلَّغون به ﴿فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ يعني: ما تكفُّون به وجوهكم عن السُّؤال وأنفسكم عن الظلم
﴿وليس عليكم جناح﴾ كان قومٌ يزعمون أنَّه لا حَجَّ لتاجرٍ ولا جَمَّالٍ فأعلمَ اللَّهُ تعالى أنه لا حرج في ابتغاء الرِّزق بقوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ ربكم﴾ أَيْ: رزقاً بالتجِّارة في الحجِّ ﴿فإذا أفضتم﴾ أَيْ: دفعتم وانصرفتم من ﴿من عرفات فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ بالدُّعاء والتَّلبية ﴿عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ واذكروه كما هداكم﴾ أَيْ: ذكراً مثلَ هدايته إيَّاكم أَيْ: يكون جزاءً لهدايته إيَّاكم ﴿وإن كنتم من قبله﴾ أَيْ: وما كنتم من قبل هُدَاه إلاَّ ضالِّين
﴿ثمَّ أفيضوا من حيث أفاض الناس﴾ يعني: العرب وعامِّة النَّاس إلاَّ قريشاً وذلك أنَّهم كانوا لا يقفون بعرفات وإنَّما يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله أن يقفوا بعرفاتٍ كما يقف سائر النَّاس حتى تكون الإفاضة معهم منها ﴿فإذا قضيتم مناسككم﴾ أَيْ: فرغتم من عبادتكم التي أمرتم بها في الحجِّ ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كذكركم آباءَكم﴾ كانت العرب إذا فرغوا من حجِّهم ذكروا مفاخر آبائهم فأمرهم الله عز وجل بذكره ﴿أو أشدَّ ذكراً﴾ يعني: وأشدَّ ذكراً ﴿فمن الناس﴾ وهم المشركون كانوا يسألون المال والإبل والغنم ولا يسألون حظَّاً في الآخرة لأَنهم لم يكونوا مؤمنين بها والمسلمون يسألون الحظَّ في الدُّنيا والآخرة وهو قوله: