﴿وإذ قالت الملائكة﴾ أَيْ: جبريل عليه السَّلام وحده: ﴿يا مريم إن الله اصطفاك﴾ أَيْ: بما لطف لك حتى انقطعت إلى طاعته ﴿وطهرك﴾ من ملامسة الرِّجال والحيض ﴿واصطفاك على نساء العالمين﴾ على عالمي زمانك
﴿يا مريم اقنتي لربك﴾ قومي للصَّلاة بين يدي ربكِّ فقامت حتى سالت قدماها قيحاً ﴿واسجدي واركعي﴾ أَي: ائتي بالرُّكوع والسُّجود والواو لا تقتضي الترتيب ﴿مع الراكعين﴾ أَي: افعلي كفعلهم وقال: ﴿مع الراكعين﴾ ولم يقل: مع الرَّاكعات لأنَّه أعمُّ
﴿ذلك﴾ أَيْ: ما قصصنا عليك من حديث زكريا ومريم ﴿من أنباء الغيب﴾ أَيْ: من أخباره ﴿نوحيه إليك﴾ أَيْ: نلقيه ﴿وما كنت لديهم﴾ فتعرف ذلك ﴿إذ يلقون أقلامهم﴾ وذلك أنَّ حنَّة لمَّا ولدت مريم أتت بها سدنة بيت المقدس وقالت لهم: دونكم هذه النَّذيرة فتنافس فيها الأحبار حتى اقترعوا عليها فخرجت القرعة لزكريا فذلك قوله: ﴿إذ يلقون أقلامهم﴾ أَيْ: قداحهم التي كانوا يقترعون بها لينظروا أيُّهم تجب له كفالة مريم
﴿إذ قالت الملائكة﴾ يعني: جبريل عليه السَّلام: ﴿يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾ يعني: عيسى عليه السَّلام لأنَّه في ابتداء أمره كان كلمة من الله وكُوِّن بكلمة منه أَيْ: من الله ﴿اسمه المسيح﴾ وهو معرَّب من مشيحا بالسِّريانية لقبٌ لعيسى ثمَّ فَسَّر وبيَّن من هو فقال: ﴿عيسى ابن مريم وجيهاً﴾ أَيْ: ذا جاهٍ وشرفٍ وقدرٍ ﴿في الدنيا والآخرة ومن المقربين﴾ إلى ثواب الله وكرامته