﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ﴾ أراد اليهود أن يستزلُّوا المسلمين عن دينهم ويردُّوهم إلى الكفر فنزلت هذه الآية ﴿وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ﴾ لأنَّ المؤمنين لا يقبلون قولهم فيحصل الإِثم عليهم بتمنِّيهم إِضلال المؤمنين ﴿وما يشعرون﴾ أَنَّ هذا يضرُّهم ولا يضرُّ المؤمنين
﴿يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله﴾ أَيْ: القرآن ﴿وأنتم تشهدون﴾ بما يدلُّ على صحَّته من كتابكم لأنَّ فيه نعتَ محمَّدٍ عليه السَّلام وذكره
﴿يا أهل الكتاب لم تلبسون﴾ ذُكر في سورة البقرة
﴿وقالت طائفة من أهل الكتاب﴾ أي: وذلك أنَّ جماعةً من اليهود قال بعضهم لعبض: أظهروا الإِيمان بمحمَّدٍ والقرآنِ في أوَّل النَّهار وارجعوا عنه في آخر النهار فإنَّه أحرى أن ينقلب أصحابه عن دينه ويشكُّوا إذا قلتم: نظرنا في كتابكم فوجدنا محمَّداً ليس بذاك فأطلع الله نبيَّه عليه السَّلام على سرِّ اليهود ومكرهم بهذه الآية
﴿ولا تؤمنوا﴾ هذا حكايةٌ من كلام اليهود بعضهم لبعض قالوا: لا تُصدِّقوا ولا تُقِرّوا ب ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ﴾ من العلم والحكمة والكتاب والحجَّة والمنِّ والسَّلوى والفضائل والكرامات ﴿إلاَّ لمن تبع دينكم﴾ اليهوديَّة وقام بشرائعه وقوله: ﴿قل إنَّ الهدى هدى الله﴾ اعتراضٌ بين المفعول وفعله وهو من كلام الله تعالى وليس من كلام اليهود ومعناه: إنَّ الدِّين دين الله وقوله: ﴿أو يحاجُّوكم﴾ عطف على قوله: ﴿أَنْ يُؤْتَى﴾ والمعنى: ولا تؤمنوا بأن يحاجُّوكم عند ربكم لأنَّكم أصحُّ ديناً منهم فلا يكون لهم الحجَّة عليكم فقال الله تعالى: ﴿قل إنَّ الفضل بيد الله﴾ أَيْ: ما تفضَّل الله به عليك وعلى أُمتِّك