﴿ما كان لبشرٍ﴾ الآية لمَّا ادَّعت اليهود أنَّهم على دين إبراهيم عليه السَّلام وكذَّبهم الله تعالى غضبوا وقالوا: ما يرضيك منَّا يا محمد إلاَّ أَنْ نتَّخذك ربّاً [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذَ الله أَنْ نأمر بعبادة غير الله] ونزلت هذه الآية ﴿ما كان لبشر﴾ أن يجمع بين هذين: بين النبوَّة وبين دُعاء الخلق إلى عبادة غير الله ﴿ولكن﴾ يقول: ﴿كونوا ربانيين﴾ الآية أَيْ: يقول: كونوا معلِّمي الناس بعلمكم ودرسكم علِّموا النَّاس وبيِّنوا لهم وكذا كان يقول النبي ﷺ لليهود لأنَّهم كانوا أهل كتاب يعلمون ما لا تعلمه العرب
﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنِّبِيِّينَ أَرْبَابًا﴾ كما فعلت النَّصارى والصَّابئون ﴿أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ﴾ استفهامٌ معناه الإِنكار أَيْ: لا يفعل ذلك ﴿بعد إذ أنتم مسلمون﴾ بعد إسلامكم
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ من كتاب﴾ ما ها هنا للشرط والمعنى: لئن آتيتكم شيئاً من كتاب وحكمة ومهما آتيتكم ﴿ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ به﴾ ويريد بميثاق النَّبييِّن عهدهم ليشهدوا لمحمد عليه السَّلام أنَّه رسول الله ﷺ وهو قوله: ﴿ثمَّ جاءكم رسول مصدق لما معكم﴾ يريد محمداً ﴿لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه﴾ أَيْ: إن أدركتموه ولم يبعث الله بينا إلاَّ أخذ عليه العهد في محمد عليه السلام وأمره بأنْ يأخذ العهد على قومه لَيُؤمننَّ به ولئنْ بُعث وهم أحياءٌ لينصرنَّه وهذا احتجاجٌ على اليهود قوله: ﴿أأقررتم﴾ أَيْ: قال الله للنَّبييِّن: أقررتم بالإِيمان به والنُّصرة له ﴿وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ أَيْ: قبلتم عهدي؟ ﴿قالوا أقررنا قال فاشهدوا﴾ أَي: على أنفسكم وعلى أتباعكم ﴿وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشاهدين﴾ عليكم وعليهم


الصفحة التالية
Icon