﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر منكم﴾ وهم العلماء والفقهاء وقيل: الأمراء والسَّلاطين وتجب طاعتهم فيما وافق الحقَّ ﴿فإن تنازعتم﴾ اختلفتم وتجادلتم وقال كلُّ فريق: القولُ قولي فَرُدُّوا الأمر في ذلك إلى كتاب الله وسنَّة رسوله ﴿ذلك خيرٌ﴾ أََيْ: ردُّكُمُ ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسنة وردُّك التجادل ﴿وأحسن تأويلاً﴾ وأحمدُ عاقبةً
﴿ألم تر إلى الذين يزعمون﴾ الآية وقع نزاعٌ بين يهوديِّ ومنافق فقال اليهوديُّ: بيننا أبو القاسم وقال المنافق: لا بل نُحكِّم بيننا كعب بن الأشرف فنزلت هذه الآية وهو قوله: ﴿يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت﴾ ومعناه: ذو الطُّغيان ﴿وقد أمروا أن يكفروا به﴾ أَيْ: أُمروا أن لا يوالوا غير أهل دينهم ﴿ويريد الشيطان أن يضلَّهم ضلالاً بعيداً﴾ لا يرجعون عنه إلى دين الله أبداً وهذا تعجيب للنبي ﷺ مِن جهل مَن يعدل عن حكم الله إلى حكم الطَّاغوت مع زعمه بأنَّه يؤمن بالله ورسوله
﴿وإذا قيل لهم﴾ أي: للمنافقين ﴿تعالوا إلى ما أنزل الله﴾ أَيْ: في القرآن من الحكم ﴿وإلى الرسول﴾ وإلى حكم الرَّسول ﴿رأيت المنافقين يَصُدُّون عنك صدوداً﴾ يُعرضون عنك إعراضاً إلى غيرك عداوةً للدِّين
﴿فكيف﴾ أَيْ: فكيف يصنعون ويحتالون ﴿إذا أصابتهم مصيبة﴾ مجازاةً لهم على ما صنعوا وهو قوله: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أيديهم﴾ وتمَّ الكلام ههنا ثمَّ عطف على معنى ما سبق فقال: ﴿ثم جاؤوك يحلفون بالله﴾ أَيْ: تحاكموا إلى الطَّاغوت وصدُّوا عنك ثمَّ جاؤوك يحلفون وذلك أنَّ المنافقين أتوا النبي ﷺ وحلفوا أنَّهم ما أرادوا بالعدول عنه في المحاكمة إلاَّ توفيقاً بين الخصوم أَيْ: جمعاً وتأليفاً وإحساناً بالتَّقريب في الحكم دون الحمل على مُرِّ الحقِّ وكلُّ ذلك كذبٌ منهم لأنَّ الله تعالى قال:


الصفحة التالية
Icon