﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾
﴿الَّذِينَ يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين﴾ هذه الآية من صفة المنافقين وكانوا يُوالون اليهود مخالفةً للمسلمين يتوهَّمون أنَّ لهم القوَّة والمنعة وهو معنى قوله: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ﴾ أَي: القوَّة بالظهور على محمد ﷺ ﴿فإنَّ العزة﴾ أَي: الغلبة والقوَّة ﴿لله جميعاً﴾
﴿وقد نزل عليكم﴾ أيها المؤمنون ﴿في الكتاب﴾ في القرآن ﴿أنْ إذا سمعتم﴾ الكفر بآيات الله والاستهزاء بها ﴿فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ﴾ غير الكفر والاستهزاء يعني: قوله في سورة الأنعام ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا﴾ هذه كانت مما نزل عليهم في الكتاب وقوله: ﴿إنكم إذاً مثلهم﴾ يعني: إنْ قعدتم معهم راضين بما يأتون من الكفر بالقرآن والاستهزاء به وذلك أنَّ المنافقين كانوا يجلسون إلى أحبار اليهود فيسخرون من القرآن فنهى الله سبحانه المسلمين عن مجالستهم ﴿إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جميعاً﴾ يريد: أنَّهم كما اجتمعوا على الاستهزاء بالآيات يجتمعون في جهنَّم على العذاب
﴿الذين يتربصون بكم﴾ يعني: المنافقين ينتظرون بكم الدَّوائر ﴿فإن كان لكم فتحٌ من الله﴾ ظهورٌ على اليهود ﴿قالوا ألم نكن معكم﴾ فأعطونا من الغنيمة ﴿وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ﴾ من الظَّفر على المسلمين ﴿قالوا﴾ لهم ﴿ألم نستحوذ﴾ نغلب ﴿عليكم﴾ نمنعكم عن الدُّخول في جملة المؤمنين ﴿ونمنعكم من المؤمنين﴾ بتخذيلهم عنكم ومراسلتنا إيَّاكم بأخبارهم ﴿فالله يحكم بينكم﴾ يعني: بين المؤمنين والمنافقين ﴿يوم القيامة﴾ يعني: أنَّه أخَّر عقابهم إلى ذلك اليوم ورفع عنهم السَّيف (في الدُّنيا) ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ أَيْ: حجَّةً يوم القيامة لأنَّه يفردهم بالنَّعيم وما يشاركونهم فيه من الكرامات بخلاف الدُّنيا


الصفحة التالية
Icon