﴿وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ الله إليك﴾ أَيْ: يَسْتَزِلُّوكَ عن الحقِّ إلى أهوائهم نزلت حين قال رؤساء اليهود بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى محمد لعلَّنا نفتنه فنرده عمَّا هو عليه فأتوه وقالوا له: قد علمت أنَّا إن اتَّبعناك اتَّبعك النَّاس ولنا خصومةٌ فاقض لنا على خصومنا إذا تحاكمنا إليك ونحن نؤمن بك فأبى ذلك رسول الله ﷺ وأنزل الله هذه الآية: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يصيبهم ببعض ذنوبهم﴾ (أي: فإن أعرضوا عن الإِيمان والحكم بالقرآن فاعلم أنَّ ذلك من أجل أنَّ الله يريد أن يعجِّل لهم العقوبة في الدنيا ببعض ذنوبهم) ويجازيهم في الآخرة بجميعها ثمَّ كان تعذيبهم في الدُّنيا الجلاء والنَّفي ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ يعني: اليهود
﴿أفحكم الجاهلية يبغون﴾ أَيْ: أيطلب اليهود في الزَّانيين حكماً لم يأمر الله به وهم أهل كتاب كما فعل أهل الجاهليَّة؟ ! ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أَي: مَنْ أيقن تبيَّن عدل الله في حكمه ثمَّ نهى المؤمنين عن موالاة اليهود وأوعد عليها بقوله:
﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ الآية
﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ يعني: عبد الله بن أُبيٍّ وأصحابه ﴿يسارعون فيهم﴾ في مودَّة أهل الكتاب ومعاونتهم على المسلمين بإلقاء أخبارهم إليهم ﴿يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة﴾ أَيْ: يدور الأمر عن حاله التي يكون عليها يعنون: الجدب فتنقطع عنا الميرة والقرض ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾ يعني: لمحمدٍ على جميع مَنْ خالفه ﴿أو أمرٍ من عنده﴾ بقتل المنافقين وهتك سترهم ﴿فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم﴾ يعني: أهل النِّفاق على ما أضمروا من ولاية اليهود ودسِّ الأخبار إليهم ﴿نادمين﴾