﴿واتقوا فتنة﴾ الآية أمر الله تعالى المؤمنين ألا يُقرّوا المنكر بين أظهرهم فيعمَّهم الله بالعذاب والفتنة ها هنا: إقرار المنكر وترك التَّغيير له وقوله: ﴿لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة﴾ أَيْ: تصيب الظَّالم والمظلوم ولا تكون للظَّلمة وحدهم خاصَّة ولكنَّها عامَّة والتَّقدير: واتَّقوا فتنةً إن لا تتقوها لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصَّة أَيْ: لا تقع بالظَّالمين دون غيرهم ولكنها تقع بالصَّالحين والطَّالحين ﴿واعلموا إن الله شديد العقاب﴾ حثٌّ على لزوم الاستقامة خوفاً من الفتنة ومن عقاب الله بالمعصية فيها
﴿واذكروا﴾ يعني: المهاجرين ﴿إذ أنتم قليل﴾ يعني: حين كانوا بمكَّة في عنفوان الإسلام قبل أن يكلموا أربعين ﴿مستضعفون في الأرض﴾ يعني: أرض مكَّة ﴿تخافون أن يتخطفكم الناس﴾ المشركون من العرب لو خرجتم منها ﴿فآواكم﴾ جعل لكم مأوىً ترجعون إليه وضمَّكم إلى الأنصار ﴿وأيَّدكم بنصره﴾ يوم بدرٍ بالملائكة ﴿ورزقكم من الطيبات﴾ يعني: الغنائم أحلَّها لكم ﴿لعلكم تشكرون﴾ كي تطيعوا
﴿يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله﴾ بترك فرائضه ﴿والرسول﴾ بترك سنَّته ﴿وتخونوا﴾ أَيْ: ولا تخونوا ﴿أماناتكم﴾ وهي كلُّ ما ائتمن الله عليها العباد وكلُّ أحدٍ مؤتمنٌ على ما افترض الله عليه ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنَّها أمانةٌ من غير شبهةٍ وقيل: نزلت هذه الآية في أبي لُبابة حين بعثه رسول الله ﷺ إلى قُريظة لمَّا حاصرهم وكان أهله وولده فيهم فقالوا له: ما ترى لنا؟ أننزل على حكم سعدٍ فينا؟ فأشار أبو لبابة إلى حلقه أنَّه الذَّبح فلا تفعلوا وكانت منه خيانةً لله ورسوله