﴿إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ وهم قومٌ أسلموا بمكة ولم يهاجروا فلمَّا خرجت قريش لحرب رسول الله ﷺ حرجوا معهم وقالوا: نكون مع أكثر الفئتين فلمَّا رأوا قلَّة المسلمين قالوا: ﴿غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ﴾ إذ خرجوا مع قلَّتهم يقاتلون الجمع الكثير ثمَّ قُتلوا جميعاً مع المشركين قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ يُسلم أمره إلى الله ﴿فإنَّ الله عزيز﴾ قويٌّ منيع ﴿حكيم﴾ في خلقه
﴿ولو ترى﴾ يا محمد ﴿إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كفروا الملائكة﴾ يأخذون أرواحهم يعني: مَنْ قُتلوا ببدرٍ ﴿يضربون وجوههم وأدبارهم﴾ مقاديمهم إذا أقبلوا إلى المسلمين ومآخيرهم إذا ولًّوا ﴿وذوقوا﴾ أَيْ: ويقولون لهم بعد الموت: ذوقوا بعد الموت ﴿عذاب الحريق﴾
﴿ذلك﴾ أَيْ: هذا العذاب ﴿بما قدَّمت أيديكم﴾ بما كسبتم وجنيتم ﴿وأنَّ الله ليس بظلام للعبيد﴾ لأنَّه حكم فيما يقضي
﴿كدأب آل فرعون﴾ الآية يريد: عادة هؤلاء في التَّكذيب كعادة آل فرعون فأنزل الله تعالى بهم عقوبته كما أنزل بآل فرعون ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ﴾ قادرٌ لا يغلبه شيء ﴿شديد العقاب﴾ لمَنْ كفر به وكذَّب رسله
﴿ذلك بأنَّ الله﴾ الآية إنَّ الله تعالى أطعم أهل مكَّة من جوعٍ وآمنهم من خوف وبعث إليهم محمداً رسولاً وكان هذا كلُّه ممَّا أنعم عليهم ولم يكن يُغيِّر عليهم لو لم يُغيِّروا هم وتغييرهم كفرهم بها وتركهم شكرها فلمَّا غيَّروا ذلك غيَّر اللهُ ما بهم فسلبهم النِّعمة وأخذهم ثمَّ نزل في يهود قريظة: