﴿إنما النسيء﴾ تأخير حرمةِ شهرٍ حرَّمه الله إلى شهرٍ آخر لم يحرِّمه وذلك أنَّ العرب في الجاهليَّة ربما كانت تستحلُّ المحرم وتحرِّم بدله صفر فأخبر الله تعالى أنَّ ذلك كلَّه ﴿زيادة في الكفر﴾ حيث أحلُّوا ما حرَّم الله وحرَّموا ما أحلَّ الله ﴿يضل به﴾ بذلك التَّأخير ﴿الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً﴾ إذا قاتلوا فيه أحلُّوه وحرَّموا مكانه صفر وإذا لم يقاتلوا فيه حرَّموه ﴿ليواطئوا﴾ ليوافقوا ﴿عدَّة ما حرم الله﴾ وهو أنَّهم لم يُحلُّوا شهراً من الحرم إلاَّ حرَّموا مكانه شهراً من الحلال ولم يحرِّموا شهراً من الحلال إلاَّ أحلُّوا مكانه شهراً من الحرم لئلا يكون الحرم أكثر من الأربعة كما حرَّم الله فيكون موافقة للعدد ﴿زين لهم سوء أعمالهم﴾ زيَّن لهم الشَّيطان ذلك
﴿يا أيها الذين آمنوا ما لكم﴾ نزلت في حثِّ المؤمنين على غزوة تبوك وذلك أنَّهم دُعوا إليها في زمان عسرةٍ من النَّاس وجدبٍ من البلاد وشدةٍ من الحرِّ فشقَّ عليهم الخروج فأنزل الله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سبيل الله﴾ أخرجوا في الجهاد لحرب العدوِّ ﴿اثاقلتم إلى الأرض﴾ أَحْبَبْتُمْ المقام ﴿أرضيتم بالحياة الدنيا﴾ بدلاً ﴿من الآخرة﴾ يعني: الجنَّة ﴿فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة﴾ يريد: الدُّنيا كلَّها ﴿إلاَّ قليل﴾ عند شئ من الجنَّة


الصفحة التالية
Icon