﴿ومنهم﴾ ومن المنافقون ﴿من يلمزك﴾ يعيبك وطعن عليك ﴿في﴾ أمر ﴿الصدقات﴾ يقول: إنَّما يعطيها محمَّد مَنْ أحبَّ فإنْ أكثرت لهم من ذلك فرحوا وإنْ أعطيتهم قليلاً سخطوا ثمَّ ذكر في الآية الثَّانية أنَّهم لو رضوا بذلك وتوكَّلوا على الله لكان خيراً لهم وهو قوله:
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ورسوله إنا إلى الله راغبون﴾ ثمَّ بيَّن لمن الصَّدقات فقال:
﴿إنما الصدقات للفقراء﴾ وهم المُتعفِّفون عن السُّؤال ﴿والمساكين﴾ الذين يسألون ويطوفون على النَّاس ﴿والعاملين عليها﴾ السُّعاة لجباية الصَّدَقة ﴿والمؤلفة قلوبهم﴾ كانوا قوماً من أشراف العرب استألفهم رسول الله ﷺ ليردُّوا عنه قومهم ويُعينوه على عدوِّه ﴿وفي الرقاب﴾ المكاتبين ﴿والغارمين﴾ أهل الدِّيْن ﴿وفي سبيل الله﴾ الغزاة والمرابطون ﴿وابن السبيل﴾ المنقطع في سفره ﴿فريضة من الله﴾ افترضها الله على الأغنياء في أموالهم
﴿ومنهم الذين يؤذون النبيَّ﴾ بنقل حديثه وعيبه ﴿ويقولون هو أذنٌ﴾ أنَّهم قالوا فيما بينهم: نقول ما شئنا ثمَّ نأتيه فَنَحْلِفُ له فيصدِّقنا لأنَّه أُذنٌ والأُذن: الذي يسمع كلَّ ما يُقال له فقال الله تعالى ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ أَيْ: مستمعُ خيرٍ وصلاح لا مستمع شرٍّ وفسادٍ ثمَّ أَكَّد هذا وبيَّنه فقال: ﴿يؤمن بالله﴾ أَيْ: يسمع ما ينزله الله عليه فيصدِّق به ﴿ويؤمن للمؤمنين﴾ ويصدِّق المؤمنين فيما يخبرونه لا الكافرين ﴿وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ أَيْ: وهو رحمةٌ لأنَّه كان سبب إيمانهم