﴿قالوا جزاؤه مَنْ وجد في رحله﴾ وكانوا يستعبدون كلَّ سارقٍ بسرقته فلذلك قَالُوا: جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أَيْ: جزاء السَّرق مَنْ وجد في رحله المسروق ﴿فهو جزاؤه﴾ أَيْ: فالسَّرق جزاء السَّارق ﴿كذلك نجزي الظالمين﴾ أَيْ: إذا سرق سارقٌ اسْتُرِقَّ فلمَّا أقرُّوا بهذا الحكم صُرف بهم إلى يوسف عليه السَّلام ليفتِّش أمتعتهم
﴿فبدأ﴾ يوسف ﴿بأوعيتهم﴾ وهي كلُّ ما استودع شيئاً من جرابٍ وجوالق ومِخْلاةٍ ﴿قبل وعاء أخيه﴾ نفياً للتُّهمة ﴿ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا﴾ يعني: السِّقاية ﴿مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كذلك كدنا﴾ ألهمنا ﴿ليوسف﴾ أي: ألهمناه مثل ذلك الكيد حتى ضممنا أخاه إليه ﴿ما كان ليأخذ أخاه﴾ ويستوجب ضمَّه إليه ﴿في دين الملك﴾ في حكمه وسيرته وعادته ﴿إلاَّ﴾ بمشيئة الله تعالى وذلك أنَّ حكم الملك في السَّارق أن يضرب ويغرم ضعفي ما سرق فلم يكن يوسف يتمكَّن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كاد الله له تلطُّفاً حتى وجد السَّبيل إلى ذلك وهو ما أجري على ألسنة إخوته أنَّ جزاء السَّارق الاسترقاق ﴿نرفع درجات مَنْ نشاء﴾ بضروب الكرامات وأبواب العلم كما رفعنا درجة يوسف على إخوته في كلِّ شيء ﴿وفوق كلِّ ذي علم عليم﴾ يكون هذا أعلم من هذا وهذا أعلم من هذا حتى ينتهي العلم إلى الله سبحانه فلمَّا خرج الصُّواع من رحل بنيامين
﴿قالوا﴾ ليوسف ﴿إن يسرق﴾ الصُّواع ﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ يعنون: يوسف عليه السَّلام وذلك أنَّه كان يأخذ الطعام من مائدة أبيه سرَّاً منهم فيتصدَّق به في المجاعة حتى فطن به إخوته ﴿فأسرَّها يوسف في نفسه﴾ أَيْ: أسرَّ الكلمة التي كانت جواب قولهم هذا ﴿ولم يُبدها لهم﴾ وهو أنَّه قال في نفسه: ﴿أنتم شرٌّ مكاناً﴾ عند الله بما صنعتم من ظلم أخيكم وعقوق أبيكم ﴿والله أعلم بما تصفون﴾ أَيْ: قد علم أنَّ الذي تذكرونه كذبٌ


الصفحة التالية
Icon