﴿الذين آمنوا﴾ بدلٌ من قوله: ﴿مَنْ أناب﴾ ﴿وتطمئن قلوبهم بذكر الله﴾ إذا سمعوا ذكر الله سبحانه وتعالى أحبُّوه واستأنسوا به ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ يريد: قلوب المؤمنين
﴿الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم﴾ وهي شجرةٌ غرسها الله سبحانه بيده وقيل: فرحٌ لهم وقُرَّة أعينٍ
﴿كذلك﴾ كما أرسلنا الأنبياء قبلك ﴿أرسلناك في أمة﴾ في قرنٍ ﴿قد خلت﴾ قد مضت ﴿من قبلها أمم﴾ قرونٌ ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ يعني: القرآن ﴿وهم يكفرون بالرحمن﴾ وذلك أنَّهم قالوا: ما نعرف الرحمان إلاَّ صاحب اليمامة ﴿قل هو ربي﴾ أَي: الرَّحمن الذي أنكرتم معرفته هو إلهي وسيِّدي ﴿لا إله إلاَّ هو﴾
﴿ولو أنَّ قرآناً﴾ الآية نزلت حين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنْ كنت نبيَّاً كما تقول فسيِّر عنا جبال مكة فإنَّها ضيِّقةٌ واجعل لنا فيها عيوناً وأنهاراً حتى نزرع ونغرس وابعث لنا آباءنا من الموتى يكلِّمونا أنَّك نبيٌّ فقال الله سبحانه: ﴿ولو أنَّ قرآناً سيرت به الجبال﴾ يريد: لو قضيت على أن لا يقرأ القرآن على الجبال إلاَّ سارت ولا على الأرض إلاَّ تخرَّقت بالعيون والأنهار وعلى الموتى أن لا يُكلَّموا ما آمنوا لما سبق عليهم في علمي وهذا جواب لو وهو محذوف ﴿بل﴾ دع ذلك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره فالأمر لله جميعاً لو شاء أن يؤمنوا لآمنوا وإذا لم يشأ لم ينفع ما اقترحوا من الآيات وكان المسلمون قد أرادوا أن يُظهر رسول الله ﷺ لهم آيةً ليجتمعوا على الإِيمان فقال الله: ﴿أفلم ييأس الذين آمنوا﴾ يعلم الذين آمنوا ﴿أن لو يشاء الله﴾ لهداهم من غير ظهور الآيات ﴿وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا﴾ من كفرهم وأعمالهم الخبيثة ﴿قارعة﴾ داهيةٌ تقرعهم من القتل والأسر والحرب والجدب ﴿أو تحلُّ﴾ يا محمد أنت ﴿قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله﴾ يعني: القيامة وقيل: فتح مكة


الصفحة التالية
Icon