﴿من ورائه جهنم﴾ أَيْ: أمامه جهنَّم فهو يردها ﴿ويُسقى من ماء صديد﴾ وهو ما يسيل من الجرح مُختلطاً بالدَّم والقيح
﴿يتجرَّعه﴾ يتحسَّاه بالجرع لا بمرَّةٍ لمرارته ﴿ولا يكاد يسيغه﴾ لا يجيزه في الحلق إلاَّ بعد إبطاءٍ ﴿ويأتيه الموت﴾ أَيْ: أسباب الموت من البلايا التي تصيب الكافر في النَّار ﴿من كلِّ مكان﴾ من كلِّ شعرةٍ في جسده ﴿وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ موتاً تنقطع معه الحياة ﴿ومن ورائه﴾ ومن بعد ذلك العذاب ﴿عذاب غليظ﴾ متَّصل الآلام ثمَّ ضرب مثلاً لأعمال الكافر فقال:
﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ به الريح في يوم عاصف﴾ أَيْ: شديد هبوب الرِّيح ومعنى الآية: إنَّ كلَّ ما تقرَّب به الكافر إلى الله تعالى فَمُحْبَطٌ غيرُ منتفعٍ به لأنَّهم أشركوا فيها غير الله سبحانه وتعالى كالرَّماد الذي ذّرَّتْهُ الرِّيح وصار هباءً لا يُنتفع به فذلك قوله: ﴿لا يقدرون مما كسبوا على شيء﴾ أَيْ: لا يجدون ثواب ما عملوا ﴿ذَلِكَ هُوَ الضلال البعيد﴾ يعني: ضلال أعمالهم وذهابها والمعنى: ذلك الخسران الكبير
﴿ألم تر﴾ يا محمد ﴿أن الله خلق السماوات والأرض بالحق﴾ أَيْ: بقدرته وصنعه وعلمه وإرادته وكلُّ ذلك حقٌّ ﴿إن يشأ يذهبكم﴾ يُمتكم أيُّها الكفَّار ﴿ويأت بخلق جديد﴾ خيرٍ منكم وأطوع
﴿وما ذلك على الله بعزيز﴾ بممتنعٍ شديدٍ
﴿وبرزوا لله جميعاً﴾ خرجوا من قبورهم إلى المحشر ﴿فقال الضعفاء﴾ وهم الأتباع لأكابرهم الذين ﴿استكبروا﴾ عن عبادة الله: ﴿إنَّا كنَّا﴾ في الدُّنيا ﴿لكم تبعاً فهل أنتم مغنون﴾ دافعون ﴿عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لو هدانا الله لهديناكم﴾ أَيْ: إنَّما دعوناكم إلى الضَّلال لأنَّا كنَّا عليه ولو أرشدنا الله لأرشدناكم