﴿إنا جعلنا ما على الأرض﴾ يعني: ما خلق في الدُّنيا من الأشجار والنبات والماء ولك ذي روح على الأرض ﴿زينة لها﴾ زيَّناها بما خلقنا فيها ﴿لنبلوهم أيهم أحسن عملاَ﴾ أزهد فيها وأترك لها ثمَّ أعلم أنَّه يُفني ذلك كلَّه فقال:
﴿أم حسبت﴾ بل أحسبت ﴿أنَّ أصحاب الكهف﴾ وهو المغارة في الجبل ﴿والرقيم﴾ وهو اللَّوح الذي كُتبت فيه أسماؤهم وأنسابهم ﴿كانوا من آياتنا عجباً﴾ أَيْ: لم يكونوا بأعجب آياتنا ولم يكونوا العجب من آياتنا فقط فإنَّ آياتنا كلَّها عجب وكانت قريش سألوا محمدا ﷺ عن خبر فتيةٍ فُقدوا في الزمان الأوَّل بتلقين اليهود قريشاً ذلك فأنزل الله سبحانه على نبيِّه عليه السَّلام خبرهم فقال:
﴿إذ أوى﴾ اذكر ﴿الفتية إلى الكهف﴾ هربوا إليه ممَّن يطلبهم فاشتغلوا بالدُّعاء والتَّضرُّع ﴿فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة﴾ أعطنا من عندك مغفرةً ورزقا ﴿وهيئ﴾ أصلح ﴿لنا من أمرنا رشداً﴾ أَيْ: أرشدنا إلى ما يُقرِّب منك
﴿فضربنا على آذانهم﴾ سددنا آذانهم بالنَّوم ﴿في الكهف سنين عدداً﴾ معدودةً
﴿ثم بعثناهم﴾ ايقظناهم من نومهم ﴿لنعلم﴾ لنرى ﴿أيّ الحزبين﴾ من المؤمنين والكافرين ﴿أحصى﴾ أعدُّ ﴿لما لبثوا﴾ للبثهم في الكهف نائمين ﴿أمداً﴾ غايةً وكان وقع اختلافٌ بين فريقين من المؤمنين والكافرين في قدر مدَّة فقدهم ومنذ كم فقدوهم فبعثهم الله سبحانه من نومهم ليتبيَّن ذلك