﴿صمٌّ﴾ لتركهم قبول ما يسمعون ﴿بُكْمٌ﴾ لتركهم القول بالخير ﴿عُمْيٌ﴾ لتركهم ما يُبصرون من الهداية ﴿فهم لا يرجعون﴾ عن الجهل والعمى إلى الإسلام ثمَّ ذكر تمثيلاً آخر فقال
﴿أو كصيِّبٍ﴾ أو كأصحاب مطرٍ شديدٍ ﴿من السَّماء﴾ : من السَّحاب ﴿فيه﴾ : في ذلك السَّحاب ﴿ظلماتٌ ورعدٌ﴾ وهو صوت مَلَكٍ مُوكَّلٍ بالسَّحاب ﴿وبرق﴾ وهي النَّار التي تخرج منه ﴿يجعلون أصابعهم في آذانهم﴾ يعني: أهل هذا المطر ﴿من الصواعق﴾ من شدَّة صوت الرَّعد يسدُّون آذانهم بأصابعهم كيلا يموتوا بشدَّة ما يسمعون من الصَّوت فالمطر مَثَلٌ للقرآن لما فيه من حياة القلوب والظُّلماتُ مثل لما في القرآن من ذكر الكفر والشرك وبيان الفتن والأهوال والرعد مَثَلٌ لما خُوِّفوا به من الوعيد وذكر النَّار والبرقُ مثلٌ لحجج القرآن وما فيه من البيان وجعل الأصابع في الآذان حذر الموت مثَلٌ لجعل المنافقين أصابعهم في آذانهم كيلا يسمعوا القرآن مخافةَ ميل القلب إلى القرآن فيؤدِّي ذلك إلى الإيمان بمحمد ﷺ وذلك عندهم كفرٌ والكفر موتٌ ﴿واللَّهُ محيطٌ بالكافرين﴾ مُهلكهم وجامعهم في النَّار
﴿يكاد البرقُ يخطف أبصارهم﴾ هذا تمثيلٌ آخر يقول: يكاد ما في القرآن من الحجج يخطف قلوبهم من شدَّة إزعاجها إلى النَّظر في أمر دينهم ﴿كلما أضاءَ لهم مشوا فيه﴾ : كُلَّما سمعوا شيئاً ممَّا يُحبّون صدَّقوا وإذا سمعوا ما يكرهون وقفوا وذلك قوله عز وجل: ﴿وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لذهب بسمعهم وأبصارهم﴾ أَيْ: بأسماعهم الظَّاهرة وأبصارهم الظَّاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة حتى صاروا صُمَّاً عُمياً فليحذروا عاجل عقوبة الله سبحانه وآجلها ف ﴿إنَّ الله على كل شيء قديرٌ﴾ من ذلك


الصفحة التالية
Icon