﴿فإنْ لم تفعلوا﴾ هذا فيما مضى ﴿ولن تفعلوا﴾ هُ أيضاً فيما يُستقبل أبداً ﴿فاتقوا﴾ : فاحذروا أن تصلوا ﴿النَّار التي وقودها﴾ ما يُوقد به ﴿الناسُ والحجارة﴾ يعني حجارة الكبريت وهي أشدُّ لاتِّقادها ﴿أعدَّت﴾ (خُلقت وهُيِّئت) جزاءً ﴿للكافرين﴾ بتكذيبهم ثمَّ ذكر جزاء المؤمنين فقال:
﴿وبشر الذين آمنوا﴾ أي: أخبرهم خبراً يظهر به أثر السُّرور على بشرتهم ﴿وعملوا الصالحات﴾ أَي: الأعمال الصَّالحات يعني الطَّاعات فيما بينهم وبين ربِّهم ﴿أنَّ لهم﴾ : بأنَّ لهم ﴿جناتٍ﴾ : حدائق ذات الشِّجر ﴿تجري من تحتها﴾ من تحت أشجارها ومساكنها ﴿الأنهار﴾ ﴿كلما رزقوا﴾ : أُطعموا من تلك الجنَّات ثمرةً ﴿قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ لتشابه ما يُؤتون به وأرادوا: هذا من نوع ما رُزقنا من قبل ﴿وأتوا به متشابهاً﴾ في اللَّون والصُّورة مختلفاً في الطَّعم وذلك أبلغ في باب الإِعجاب ﴿ولهم فيها أزواجٌ﴾ : من الحور العين والآدميات ﴿مطهرةٌ﴾ عن كلِّ أذىً وقذرٍ ممَّا في نساء الدُّنيا ومن مساوئ الأخلاق وآفات الشَّيب والهرم ﴿وهم فِيها خالدون﴾ لأنَّ تمام النِّعمة بالخلود
﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ الآية لمَّا ضرب الله سبحانه المَثل للمشركين بالذُّباب والعنكبوت في كتابه ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله سبحانه فأنزل الله تعالى: ﴿إنَّ الله لا يَسْتَحْيِ﴾ لا يترك ولا يخشى ﴿أن يضرب مثلاً﴾ أَنْ يُبيِّنَ شبهاً ﴿ما بعوضةً﴾ ما زائدة مؤكِّدة والبعوض: صغار البق الواحدة: بعوضة ﴿فما فوقها﴾ يعني: فما هو أكبر منها والمعنى: إنَّ الله تعالى لا يترك ضرب المثل ببعوضةٍ فما فوقها إذا علم أنَّ فِيهِ عبرةُ لمن اعتبر وحجَّةً على مَنْ جحد (واستكبر) ﴿فأمَّا الذين آمنوا فيعلمون﴾ أنَّ المثل وقع في حقِّه ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بهذا مثلاً﴾ أَيْ: أَيُّ شيء أرادالله بهذا من الأمثال؟ والمعنى ئئئئانهم يقولون: أَيُّ فائدةٍ في ضرب الله المثل بهذا؟ فأجابهم الله سبحانه فقال ﴿يضلُّ به كثيراًً﴾ أَيْ: أراد الله بهذا المثل أن يضلَّ به كثيراً من الكافرين وذلك أنَّهم يُنكرونه ويُكذِّبونه ﴿ويهدي به كثيراً﴾ من المؤمنين لأنَّهم يعرفونه ويصدِّقونه ﴿وما يضلُّ به إلاَّ الفاسقين﴾ الكافرين الخارجين عن طاعته