ذكرها فيه الصديق، ويؤيد ورعه ودينه وأمانته، قوله: (فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن) «١».
بدأ زيد بن ثابت صاحب العقل الخصب، والورع الشديد، والأمانة العظيمة، والحفظ الدقيق، الموافق للعرضة الأخيرة بجمع القرآن، قال الزركشي:
(وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة، وكان يقرئ الناس بها، حتى مات ولذلك اعتمده الصديق في جمعه، وولاه عثمان كتابة المصحف) «٢».
ولكن عمل عظيم مثل جمع القرآن في الصحف من القطع التي كان قد كتب عليها في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم، لا بد أنه احتاج إلى جهود كبيرة وهو ما يدعو إلى الاعتقاد أن بعض الصحابة قد وقف إلى جانب زيد في إنجاز هذا العمل الكبير «٣»، ولعل في مقدمة من أسهم في ذلك عمر بن الخطاب، الذي كان ضمن كتاب الوحي، كما تقدم. ويدل على ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: (قدم عمر، فقال: من كان تلقى من رسول الله ﷺ شيئا من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان) «٤». وذلك عن أمر الصديق له في ذلك.
ويدل عليه ما أخرجه ابن أبي داود أيضا، ولكن من طريق هشام بن عروة عن أبيه، أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: (اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه) «٥».
(٢) البرهان: ١/ ٢٣٧.
(٣) فضائل القرآن لابن كثير: ١٦؛ وفتح الباري لابن حجر: ٩/ ١٧، وعزاه لابن أبي داود في المصاحف؛ ينظر: المصاحف: ١/ ١٨١.
(٤) ينظر: فتح الباري: ٩/ ١٧.
(٥) ينظر: كتاب المصاحف: ١/ ١٦٩.