رسول الله ﷺ يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ «١»، فألحقتها في سورتها في المصحف) «٢».
والمتأمل لهذا الحديث والنصوص الواردة في موضوعه يخرج بنتائج عدة، منها:
إن جمع عثمان رضي الله عنه المصحف كان بمشورة حذيفة بن اليمان.
والروايات الأخرى تفيد أن عثمان رضي الله عنه جمعه لما رأى اختلاف القراء بالمدينة، وكان عثمان رضي الله عنه توقع أن يكون قراء الأمصار أشد اختلافا، فلما جاء حذيفة رضي الله عنه تأكد لديه ما توقعه، فأمر بجمع القرآن «٣».
ثم أن الجمع في عهد عثمان رضي الله عنه اعتمد أساسا على الجمع الذي كتب في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وقد حظي الجمع الأول بعناية الصحابة وموافقتهم، وتظافرت له جهود متعددة، وعلى رأس من تولى العمل به زيد بن ثابت، وقد اجتمع لزيد بن ثابت من الصفات ما يؤهله للقيام بذلك العمل خير قيام، فقد تربى في كنف الوحي، ويروي الذهبي أن ابن عمر قال يوم مات زيد بن ثابت:
(يرحمه الله، فقد كان عالم الناس في خلافة عمر وحبرها، فرقهم عمر في البلدان ونهاهم أن يفتوا برأيهم، وحبس زيد بالمدينة يفتي أهلها) «٤».
وقد ظل زيد رضي الله عنه مترئسا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي رضي الله عنه أجمعين، حتى توفي سنة خمس وأربعين «٥».

(١) الأحزاب، من الآية (٢٣).
(٢) صحيح البخاري، باب جمع القرآن، رقم (٤٧٠٢): ٤/ ١٩٠٨.
(٣) تاريخ القرآن والتفسير: ٥١؛ وينظر: رسم المصحف، د. غانم: ١١٢.
(٤) ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: ٢/ ٢٠٧.
(٥) ينظر: طبقات ابن سعد: ٢/ ٣٥٩؛ معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار


الصفحة التالية
Icon