أقول: إن الدكتور غانم اعتمد بكلامه على ما قاله الإمام الذهبي، الذي اعتمد على رواية ابن أبي داود عن ابن سيرين، قال: جمع عثمان للمصحف اثني عشر رجلا من المهاجرين والأنصار، منهم أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وسعيد بن العاص) «١»، وهذه الرواية كما قال عنها الإمام الذهبي: (هذا إسناد قوي لكنه مرسل) «٢»، وقال: (والظاهر وفاة أبي في زمن عمر، حتى أن الهيثم بن عدي وغيره ذكر موته سنة تسع عشرة، وقال محمد بن عبد الله بن نمير، وأبو عبيد، وأبو عمر الضرير: مات سنة اثنتين وعشرين، فالنفس إلى هذا أميل) «٣».
أقول: ولكن ثمة رواية أخرى رواها ابن أبي داود إسنادها صحيح أفادت أن أبي بن كعب رضي الله عنه كان مع اللجنة المنتخبة في نسخ المصاحف زمن عثمان رضي الله عنه، ويبدو أن الإمام الذهبي لم يطلع عليها، أو أنها لم تصح عنده، وكذا موقف من قلده كالدكتور غانم قدوري، وهذا يعني أن وفاة أبي بن كعب كانت سنة ثلاثين من الهجرة في زمن عثمان رضي الله عنه وليست في زمن عمر رضي الله عنه، وهذا ما رجحه الواقدي كما نقله عنه الذهبي في موضع آخر.
قال الواقدي: (وقد سمعنا من يقول: مات في خلافة عثمان سنة ثلاثين، قال: وهو أثبت الأقوال عندنا، وذلك أن عثمان أمره أن يجمع القرآن) «٤».
أما رواية ابن أبي داود التي يرويها بسنده عن ابن سيرين عن كثير بن أفلح قال: (لما أراد عثمان أن يكتب المصاحف، جمع له اثني عشر رجلا من

(١) كتاب المصاحف: ١/ ٢٢٢، ورجال الإسناد ثقات إلا أن ابن سيرين لم يشهد الواقعة فيكون الإسناد منقطع، لكن المتن يشهد له الأثر الصحيح- الذي سيأتي- والذي يرويه ابن سيرين عن كثير بن أفلح.
(٢) ينظر: سير أعلام النبلاء: ١/ ٢٨٧.
(٣) ينظر: رسم المصحف: ١١٦ نقلا عن سير أعلام النبلاء: ١/ ٢٧٨.
(٤) سير أعلام النبلاء: ١/ ٤٠٠.


الصفحة التالية
Icon