رسمه، حين يتوقف الكتبة عن إلحاق لام أو هاء أو حذف ألف حتى يستشار كبار الصحابة من كتبة الوحي وحفظة القرآن في إثبات ذلك أو حذفه.
ورضي الله عن عثمان، فقد أرضى بذلك العمل الجليل ربه، وحافظ على القرآن، وجمع كلمة الأمة، وأغلق باب الفتنة، ولا يبرح المسلمون يقطفون من ثمار صنيعه هذا إلى اليوم وما بعد اليوم «١».
ولن يقدح في عمله هذا أنه حرق المصاحف والصحف المخالفة للمصاحف العثمانية. فقد علمت وجهة نظره في ذلك، على أنه لم يفعل هذا الأمر الجليل إلا بعد استشارة الصحابة واكتساب موافقتهم، بل وظفر بمعاونتهم وتأييدهم وشكرهم.
وقد أورد ابن أبي داود بسنده عن أبي مجلز قال: (لولا أن عثمان كتب القرآن لألفيت الناس يقرءون الشعر) «٢».
ولفظه عند البغوي: (يرحم الله عثمان لو لم يجمع الناس على قراءة واحدة لقرأ الناس القرآن بالشعر) «٣».
وأورد أبو عبيد في فضائله بسنده عن شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: (أدركت الناس حين شقق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعب ذلك أحد) «٤».

(١) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢١٦.
(٢) كتاب المصاحف: ١/ ١٨٨؛ وأوردها الحافظ ابن كثير عن ابن أبي داود في فضائل القرآن وقال: هذا إسناد صحيح: ٢٢، وكذا أورده أبو شامة عنه في المرشد الوجيز في نهاية الصفحة: ٧٠؛ وستأتي هذه الرواية في المبحث الثاني من هذا الفصل والحكم عليها إن شاء الله.
(٣) شرح السنة للبغوي: ٤/ ٥٢٥.
(٤) فضائل القرآن لأبي عبيد: ٢/ ٩٨؛ وأوردها أيضا ابن أبي داود بسنده في المصاحف:
١/ ١٨٧.


الصفحة التالية
Icon