الخطاب رضي الله عنه يقول: (سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت:
من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت:
كذبت، فإن رسول الله ﷺ قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله، اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، ثم قال اقرأ يا عمر: فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه) «١».
إن روايات الحديث لا تكاد توضح طبيعة الخلاف الذي كان يقع بين الصحابة في قراءة القرآن، فكانوا يرفعون أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيجيز قراءة الجميع على أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، رغم أنها تشير إلى أن ذلك الخلاف كان لا يتجاوز ألفاظ التلاوة إلى معاني الآيات «٢».
وقد حظي حديث الأحرف السبعة باهتمام كبير حتى كثرت فيه الأقوال وتعددت الآراء واختلفت وجهات النظر، ويرجع ذلك إلى أمور أهمها:
أولا: أنه وثيق الصلة بالقرآن الكريم، وهو أساس الدين الذي قام عليه أمر الأمة ومصدر التشريع الذي تصوغ عليه حياتها.
وثانيا: أن الأحاديث الواردة في نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف مع كثرتها
(٢) ينظر: رسم المصحف، د. غانم: ١٣٣.