والنتيجة التي توصلنا إليها هي أن المصحف العثماني قد كتب على حرف واحد- أي على قراءة معينة واحدة «١» - فالمراد بالأحرف السبعة: هي الأوجه من اللغات، أي سبعة أوجه من المعاني المتقاربة في المعنى الواحد بألفاظ مختلفة، وهذا هو الرأي الراجح، والله أعلم.
المطلب الخامس: ترتيب السور والآيات وعددها
القرآن الكريم سور وآيات، منها القصار ومنها الطوال.
فالسورة في اللغة: بمعنى المنزلة والشرف، والسور جمع سورة، ومنه سورة القرآن، لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى كما في قوله تعالى:
... فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ... «٢»، فالله جل ثناؤه جعلها سورا، مثل غرفة وغرف، ورتبة ورتب، فدل ذلك على تمييز سورة من سور القرآن عن سور من سور البناء
«٣».
وفي الاصطلاح: أنها طائفة مستقلة من آيات القرآن ذات مطلع ومقطع، وهي مأخوذة من سور المدينة، وذلك إما لما فيها من وضع كلمة بجانب كلمة، وآية بجانب آية، وإما لما في السورة من معنى العلو والرفعة المعنوية الشبيهة بعلو السور ورفعته الحسية، وإما لأنها حصن وحماية لمحمد صلى الله عليه وسلم، وما جاء به كتاب الله القرآن، ودين الحق الإسلام، باعتبار أنها معجزة تخرس كل مكابر، أشبه بسور المدينة يحصنها ويحميها من غارة الأعداء «٤».

(١) ينظر: رسم المصحف: ١٥٢.
(٢) سورة الحديد، من الآية (١٣).
(٣) لسان العرب، مادة (سور): ٢/ ٢٣٧؛ وينظر: مختار الصحاح: ٣٢٠.
(٤) ينظر: نكت الانتصار لنقل القرآن للباقلاني: ٥٧؛ مناهل العرفان: ١/ ٣٥٠؛ موجز علوم القرآن، داود العطار: ١٧١.


الصفحة التالية
Icon