كان باجتهاد من الصحابة.
قال الزرقاني: (وقد ذهب إلى هذا الرأي فطاحل من العلماء، ولعله أمثل الآراء) «١».
قال السيوطي نقلا عن البيهقي: (كان القرآن على عهد النبي ﷺ مرتبا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان السابق) «٢».
ومال محمد بن عطية إلى أن كثيرا من السور كان قد علم ترتيبها في حياته ﷺ كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وأن ما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة بعده «٣».
وهذا ما رجحه الإمام السيوطي بقوله: (والذي ينشرح له الصدر ما ذهب إليه البيهقي، وهو: أن جميع السور ترتيبها توقيفي إلا براءة والأنفال) «٤».
إلا أنه سواء كان ترتيب السور توقيفيا أو اجتهاديا، فإنه ينبغي احترامه، خصوصا في كتابة المصاحف؛ لأنه عن إجماع الصحابة، والإجماع حجة، ولأن خلافه يجر إلى الفتنة، ودرء الفتنة وسد الذرائع واجب «٥».
فالرأي الراجح والله أعلم هو القول الأول: إن ترتيب السور كلها توقيفي بتعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، والأدلة على ذلك كثيرة، منها أن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن إلى السماء الدنيا ثم فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة
(٢) الإتقان: ١/ ١٣٧؛ حديث سيدنا عثمان الذي جعل سورة الأنفال وسورة التوبة في السبع الطوال، ولم يفصل بينهما ب (بسم الله الرحمن الرحيم)، وسيأتي توضيح هذه المسألة في المبحث الثاني من هذا الفصل. فيما يتعلق بسورتي التوبة والأنفال وعدم الفصل بينهما بالبسملة.
(٣) الإتقان: ١/ ١٣٧.
(٤) المصدر نفسه: ١/ ١٣٨.
(٥) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٣٥٨.