أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً «١».
والثاني: إن قوله تعالى: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ يعلق وقوع النسيان على مشيئة الله إياه، والمشيئة لم تقع بدليل ما ذكرناه من قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧). إذن فالنسيان لم يقع «٢».
وثمة رأي آخر لمعنى الاستثناء، وهو: أنه استثناء حقيقي، غير أن المراد به منسوخ التلاوة دون غيره، ويكون معنى الآية: أن الله تعالى يقرئ نبيه ﷺ فلا ينسيه إلا ما شاءه. وهو ما نسخت تلاوته لحكمة من الحكم، بدليل قوله تعالى:
* ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «٣»، والمعنى: أن كل آية نذهب بها على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة من إزالة لفظها أو حكمها أو كليهما معا إلى بدل
أو غير بدل نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أي نوع آخر هو خير للعباد بحسب الحال في النوع والثواب.
وأيا ما كان معنى الاستثناء في آية سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ فإنه لا يفهم منه أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم نسي حرفا واحدا مما أمر بتلاوته وتبليغه للخلق «٤».
ويقول السيد محمد رشيد رضا عن الاستثناء في هذه الآية: فهو يؤكد عدم نسيان النبي صلّى الله عليه وسلّم لأن الاستثناء بالمشيئة قد استعمل في أسلوب القرآن
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٦٨؛ والمدخل لدراسة القرآن الكريم، د. محمد بن محمد أبو شهبة: ٢٦٣.
(٣) سورة البقرة، من الآية (١٠٦).
(٤) ينظر: فتح الباري: ٩/ ١٠٦؛ مناهل العرفان: ١/ ٢٦٩.