أما ما ادعاه بلاشير بأن جمع القرآن الذي بدأ في حياة أبي بكر قد كمل في خلافة عمر، فغير مسلم به؛ لأن جمع القرآن قد تم في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وبالتحديد بعد واقعة اليمامة، وقبل وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت العملية قد استمرت سنة وليس كما ادعى بلاشير بأنه تم خلال خمسة عشر شهرا «١».
إن هدف بلاشير من هذا الادعاء هو التقليل من قيمة العمل العظيم الذي أمر به أبو بكر رضي الله عنه، وتجريده من كونه نتيجة جهود جبارة تضافرت مجتمعة فأفرزته، وبالتالي إضفاء الشخصية والمصلحة الذاتية عليه مما يجعله فاقدا لصفة التواتر المطلوبة في القرآن «٢».
المطلب الثالث: شبهات المستشرقين حول جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
حاول بعض المستشرقين التشكيك في مصحف عثمان رضي الله عنه، فمنهم من زعم- كالمستشرق هنري- بأنه لا يتضمن الوحي كله، وبأنه قد أضيفت إليه بعض الإضافات التفسيرية والتذييلات، مع تغيير أماكن بعض الجمل «٣».
ومنهم من زعم- كبلاشير وجفري- بأنه فرض على المسلمين فرضا وجوبه بمقاومة، ولم يعتمد في جمعه على مصاحف الصحابة كمصحف ابن مسعود وغيره، والتي كانت مختلفة معه «٤»، دعوى ومزاعم كثيرة لا أساس لها
(٢) ينظر: تاريخ القرآن، د. عبد الصبور: ١١٠؛ والمستشرقون والقرآن الكريم، لمحمد بهاء الدين: ٢٠٠.
(٣) ينظر: الإسلام لهنري ماسيه: ١٠٨.
(٤) ينظر: كتاب القرآن لبلاشير: ٣٤؛ ومقدمة آرثر جفري لكتاب المصاحف: ٥؛ والمستشرقون والقرآن الكريم لمحمد بهاء الدين: ٢١٥.