المبحث الثاني دراسة روايات في كتب أهل السنة يساء فهمها في صحة نقل القرآن
لقد أثيرت شبهة في شكل روايات فيها آيات منسوخة التلاوة، أو قراءات شاذة، وهذه الروايات موجودة عند أهل السنة ولكن أسيء فهمها.
على أن هذا النوع من النسخ حصل فيه خلاف عند أهل السنة، فمنهم من أجازه شرعا وعقلا، ومنهم من أجاز وقوعه عقلا، ولكنه لم يقع في كتاب الله، لأن روايات أحاديثه آحاد، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر «١»، وسيأتي توضيح هذه المسألة عند دراسة هذه الروايات بعد قليل إن شاء الله تعالى.
إن معرفة الناسخ والمنسوخ أمر مهم في فهم الإسلام، وفي الاهتداء إلى صحيح الأحكام، وإن الإلمام بهذا النوع من علوم القرآن يكشف النقاب عن سير التشريع الإسلامي، ويطلع الإنسان على حكمة الله في تربيته للخلق وسياسته للبشر، والنسخ من أهم قضايا القرآن، والمفسرون عموما يهتمون بالناسخ والمنسوخ، حتى قال أحد العلماء: لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف الناسخ والمنسوخ «٢».
ومن الآثار الواردة التي تدل على أهمية هذا العلم، ما روي عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه مر على قاص فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال له: هلكت وأهلكت «٣».
(٢) ينظر: كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي: ٢/ ٢٩.
(٣) ينظر: الناسخ والمنسوخ لهبة الله بن سلامة أبي النصر، المطبوع بهامش