وهذه السُّورةِ اختَصّت بذكرِ أمرِ المعادِ من : زَلزَلَةِ الأرضِ عندَ قِيامِ السَّاعَةِ، وإخراجِ أثقالِها - وهُم الموتى - إشارَةً إلى البَعثِ. وتحديثِ أخبارِها، وصُدورِ النَّاسِ عنها أشتاتاً ؛ كأنّهم جرادٌ مُنتَشِر، ورؤيَةِ كلّ عاملٍ ما عملَ مِن خيرٍ أو شرٍّ.
فلم تتضمّن شيئاً غيرَ ذكرِ المعادِ، فلما اختصّت بجنسِ نِصفِ مضمونِ القرآنِ ؛ جازَ أن يقالَ : أَنَّهَا تعدلُ نصفَ القرآنِ، وصار هذا كما قيلَ :( إِنَّ الفَرائِضَ نِصفُ العِلمِ ) (١) كما كان للإنسانِ حالتَي حياةٍ ومَوتٍ. وعلمُ الفرائضِ هو العلمُ المتعلّقُ بإحدَى حالَتَيهِ وهُو الموتُ، سُمّي نصفَ العِلمِ.
؟ وأَمَّا تَوجيهُ ؟ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) ؟ أَنَّهَا تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ : فلأنَّ القُرآنَ بِاعتبارِ قِسمَةٍ أُخرى ؛ لا يَخرُجُ عن تَقريرِ : التَّوحيدِ، والنُّبوَّةِ، وأحكامِ اليومِ الآخرِ. وهذهِ السُّورةُ اختَصَّت بِتقريرِ التَّوحيدِ وذِكرِهِ، لم يُذكَر فيها غَيرُه، فكانت بهذا الاعتبارِ تَعدُلُ ثُلُثَ القُرآنِ ؛ لاشتِمالِها على ثُلُثِ مَضمونِهِ ؛ وهو التَّوحيدُ.