متن، ص : ١٣٢
وتشكوا بعد يقينكم، فتكونوا كالمقهقر «١» الراجع، والمتقاعس الناكص.
[سورة المائدة (٥) : آية ٣٠]
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠)
وقوله تعالى : فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ [٣٠] وهذه استعارة. والمراد : سولت له وقربت عليه نفسه ففعل. وطوّعت فعّلت. من الطوع. أي سهلت نفسه عليه ذلك، حتى أتاه طوعا، وانقاد إليه سمحا.
[سورة المائدة (٥) : آية ٣٢]
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)
وقوله تعالى : أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً، وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [٣٢] وأحياها هنا استعارة.
لأن إحياء «٢» النفس بعد موتها لا يفعله إلا اللّه تعالى. وإنما المراد : من استبقاها وقد استحقت القتل، واستنقذها وقد أشرفت على الموت. فجعل سبحانه فاعل ذلك بها كمحييها بعد موتها. إذ كان الاستنقاذ من الموت كالإحياء بعد الموت.
[سورة المائدة (٥) : آية ٤١]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١)
وقوله سبحانه : مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ [٤١] وهذه استعارة. لأن صفة الإيمان والكفر إنما يوصف بها الإنسان دون القلب. والمراد :
أنهم آمنوا بالظواهر، وكفروا بالبواطن.
[سورة المائدة (٥) : آية ٤٨]
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)
قوله سبحانه «٣» : وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ [٤٨]. وهذه استعارة. وقد تقدم مثلها.. والمعنى : مصدقا بما سلف قبله من الكتاب الذي هو الإنجيل الصحيح. واستعير ذكر اليدين هاهنا، كما يقول القائل إذا سأله غيره عن راكب مرّ به : هو بين يديك. أي قد سار أمامك.
ومهيمنا عليه : أي شاهدا عليه. فهذه أيضا استعارة أخرى. والمراد : أن ما فى هذا الكتاب من وضوح الدلالة يقوم مقام النطق بصحة الشهادة.

(١) هكذا بالأصل «و لعلها كالمتقهقر».
(٢) بالأصل «إحيا» بحذف همزة الممدود.
(٣) هكذا بالأصل بدون واو. والصواب «و قوله» بالواو عطفا على ما قبلها من الاستعارات.


الصفحة التالية
Icon